أولا : القراءة التوجيهية.
1- التعريف بالسيرة الذاتية :
السيرة الذاتية هي نص سردي يتطابق فيه السارد والشخصية الرئيسية ، ويعرفها الناقد الأدبي السويسري جان ستاروبنسكي بقوله هي : "سيرة شخص يرويها عن نفسه" ، وفي نظر الكاتب محمد عبد الغني حسن هي : " أن يكتب المرء بنفسه تاريخ نفسه ، فيسجلأما الناقد الفرنسي فيليب لوجون philippe le jeune فيرى أن السيرة الذاتية هي "حكي استعادي نثري يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص ، وذلك عندما يركز عن حياته الفردية وعلى تاريخ شخصيته بصفة خاصة".
وعموما ، تتميز السيرة الذاتية بثلاث خصائص :
- الحكي بضمير المتكلم
- واقعية الأحداث والشخصية الرئيسية
- التطابق بين السارد والشخصية الرئيسية
2- التعريف بالساردة :
ولدت ليلى أبو زيد سنة 1950 بالمغرب. درست اللغة الإنجليزية بجامعة محمد الخامس بالرباط ، وحصلت على الإجازة ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، واشتغلت بالترجمة والتأليف.بدأت حياتها المهنية كصحفية في التلفزيون ، وعملت في عدة دواوين وزارية ، من بينها ديوان الوزير الأول
من أعمالها : "رجوع إلى الطفولة" ، و"عام الفيل" ، والفصل الأخير ، ومجموعتان قصصيتان بعنوان : "الغريب" و "المدير" . كما كتبت في أدب الرحلة "أمريكا الوجه الآخر" و "بضع سنبلات خضر.
3- ملاحظة عتبات المؤلف :
أ- العنوان : جاء العنوان مركبا إسناديا مكونا من كلمتين يتوسطهما حرف الجر "إلى" ، وقد وردت الكلمة الأولى نكرة للدلالة على رجوع شارد وغير محدد ، أما الكلمة الثانية فوردت معرفة للدلالة على أنها طفولة محددة وموشومة بشكل جيد في ذاكرة الساردة.يوحي العنوان بالتذكر والزمن الماضي ، فكل تذكر لا يتم إلا عبر الرجوع والاسترجاع ، والطفولة ما هي إلا المرحلة الأولى من هذا الزمن الماضي الخاص بالساردة.
ب- الصورة : تجسد الصور مشهدا لطفلتين إحداهما تكبر الأخرى وتمسك بيدها ، ولعلها الساردة ليلى وأختها. تلتفت الطفلة الكبرى نحو الخلف كأنها خائفة من شيء ما (ربما من ماضيها) ، وينسجم هذا الالتفات مع كلمة "رجوع" الواردة في العنوان.
أما الطفلة الصغرى فتنظرأمامها باتجاه حائط أبيض يدل على المستقبل المبهم المليء بالمفاجآت . والصورة بالأبيض والأسود لتوثيق مرحلة من حياة الساردة ، وللدلالة على جو الحزن الذي يخيم على الطفلتين في تلك الفترة.
ج- المقدمة : تفسر المقدمة الصعوبات التي واجهتها الساردة ليلى أبو زيد في كتابة سيرتها الذاتية. حيث كان العرب يتجنبون السيرة الذاتية ، ويرون في خلفيتها مظهرا من مظاهر الأنانية ، وكشف الأسرار التي من المفترض أن تبقى مستورة ، ولذا كان يعتبر عارا أن يكشف المرء عن أحداث واقعية من حياته. كما أن الساردة كانت امرأة في مجتمع كان حكرا على الرجال ، ووجدت صعوبة في إيجاد مكان لها في ذلك المجتمع.
د- الخاتمة : نجد على الغلاف الأخير من المؤلف كلاما مقتطفا من المقدمة نظرا لأهميته ، وتكراره هنا بالتحديد يدل على تشبت الساردة بمواقفها وأفكارها المتمثلة في ظروف كتابة سيرتها الذاتية وتبرير ترددها في نشرها.
ثانيا : القراءة التحليلية.
1- أحداث فصول المؤلف :
- الفصل الأول : القصيبة.تبدأ الساردة قصتها بتذكرها لعدة أحداث ماضية أولها انتظار الحافلة للذهاب إلى بني ملال عند الجد ، وتصف العلاقة بين أسرة الأم وأسرة الأب التي تطغى عليها السخرية ، كما تذكر قصة جدها في فاس ، وتسرد قصة أحمد زوج زبيدة الذي خدع صديقه للاستيلاء على خزينة الذهب ، كما تصف استعداد الأم والجدة لاستقبال ضيوف من فاس ، وتمعن ف وصف الوليمة ، وتجاذب أطراف الحديث ، ثم تروي قصة اعتقال أبيها أحمد ابوزيد لأنه ينقل أخبار المستعمرين إلبى الوطنيين ، وكل ما عناه بسبب ذلك.
الفصل الثاني : صفرو.
يبدأ الفصل بوصول أخبار إلى العائلة بأن أحمد أبو زيد متزوج من امرأة أخرى وأنها تزوره في السجن ، ثم تكتشف العائلة أن تلك المرأة ليست زوجة أحمد ، وغنما زوجة سجين آخر ممنوع من الزيارة . ثم تنتقل الساردة للحديث عن معاناة السجناء والوطنيين وما يتعرضون له من تعذيب وضرب وشتم ، كما تصف عمليات الغسيل يوم الخميس والذهاب إلى الحمام وكرهها له ،ثم تتحدث عن دخولها إلى المدرسة وتفوقها على الفتيات الأخريات. وتعلمها لحرفة صنع عقد القفاطين ، وتشير إلى علاقة التسامح التي جمعت أهل صفرو واليهود وتطيل في سرد حكايات جدتها ومنها (حكاية الفاسي ، وقصة العرافة وقصة الجنية... ) وتصف سهرات جدتها مع النساء وتبادلهن الألغاز والحكايات.