عَجبُ الذّنب: إعجاز رباني في إعادة بعث الخلق

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية عَجبُ الذّنب: إعجاز رباني في إعادة بعث الخلق

عَجبُ الذّنب: إعجاز رباني في إعادة بعث الخلق

 
 
 

عَجبُ الذّنب: إعجاز رباني في إعادة بعث الخلق


خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، وجعل خلقه هذا آية دالة على عظيم قدرته وبديع صنعه، ولهذا نجد الأمر منه سبحانه وتعالى للإنسان بالنظر والتفكّر في خلقه، يقول الله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾[الطارق: 5]؛ وكل هذا لكي يتعرّف الإنسان على ربّه تعالى ويشهد بأنه الإله الحق.
وقد جاءت نصوص من الكتاب والسّنة لترشد الإنسان إلى بعض أسرار خلقه وتعينه على النظر والتفكر، ومن ذلك أحاديث (عَجبُ الذنب) التي أخبر فيها النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم عن حقائق علمية بالغة الأهمية، وهي أن الإنسان يركب خلقه من عجب الذنب وذلك عند تكون الجنين، وأن هذا العظم لا يبلى، بل يركب الإنسان ويعاد خلقه منه يوم القيامة.
الأحاديث التي جاء فيها الإخبار عن عجب الذنب
جاءت بعض الأحاديث مخبرة عن عجب الذنب، فمنها ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ»، ومن ذلك أيضاً ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الْإِنْسَانِ عَظْمًا لَا تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ أَبَدًا فِيهِ يُرَكَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالُوا: أَيُّ عَظْمٍ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: « عَجْبُ الذَّنَبِ».
والعَجْبُ بالسكون: وهو العظمُ الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز. يقول النووي: "قوله: (عجب الذنب) هو بفتح العين وإسكان الجيم أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص، ويقال له(عجم) بالميم، وهو أول ما يخلق من الآدمي، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه".
 ومن خلال الأحاديث السابقة نجد أنها أشارت إلى ثلاثة أمور:
1-  أن الإنسان يبدأ خلقه في مرحلة التكوين من عجب الذنب.
 2-  أن عجب الذنب لا يبلى ولا تأكله الأرض.
3- منه يعاد خلق الإنسان يوم القيامة.
 عجب الذنب لا يبلى
  لقد اكتشف العلماء أن الذي يقوم بالتخليق والتنظيم لجميع خلايا الجنين هو الشريط الأولي، وأول من اكتشف ذلك من العلماء هو العالم الألماني الشهير (هانسن سبيمان)، حيث قام بدراسات وتجارب على الشريط الأولي والعقدة الأولية واكتشف أن الخيط الأولي والعقدة الأولية هما اللذان ينظمان خلق الجنين وأطلق عليهما اسم (المنظم الأولي أو المخلق الأولي ­(Primary Organizer وقام بقطع الشريط الأولي وزرعه في جنين آخر في المراحل الجنينية المبكرة في الأسبوع الثالث والرابع، فأدى ذلك إلى نمو جنين ثانوي من هذه القطعة المزروعة في الجنين المضيف، حيث تقوم هذه القطعة المزروعة بالتأثير في البيئة التي حولها والمكونة من خلايا الجنين المضيف بحيث تؤثر فيها وتنظمها ويتخلق منها جنين ثانوي مغروساً في جسد الجنين المضيف.    
ثم قام هذا العالم الألماني (سبيمان) عام 1931م بسحق المنظم الأولي وزرعه مرة أخرى فلم يؤثر السحق، حيث نما مرّة أخرى وكون محورًا جنينيًا ثانويًا رغم سحقه ولم تتأثر خلاياه وفي عام 1933م، قام هذا العالم وعلماء آخرون بغلي المنظّم الأولي وزراعته بعد غليه فشاهدوا أنه يؤدّي إلى نمو محور جنين ثانوي بعد غليه ولم تتأثر خلاياه بالغليان، ولقد نال العالم الألماني (سبيمان) جائزة نوبل عام 1935م على اكتشافه للمنظم الأوّلي(10).
وأجريت تجارب أخرى في نفس المجال وتوصّلت إلى نفس النتيجة، ومن ذلك ما أثبته مجموعة من علماء الصّين في عدد من التّجارب المختبرية استحالة إفناء عجب الذنب كيميائيا بالإذابة في أقوى الأحماض، أو فيزيائياً بالحرق، أو بالسحق، أو بالتعريض للأشعة المختلفة.
ولقد قام الدكتور عثمان جيلان بالتعاون مع الشيخ عبد المجيد الزنداني في رمضان 1424هـ في منزل الشيح عبد المجيد الزنداني في صنعاء، بتجربة على العصعص، حيث قاموا -وتحت تصوير تلفزيوني- بأخذ أحد فقرتين لخمس عصاعص للأغنام وقاموا بإحراقها بمسدس غاز فوق أحجار ولمدّة عشرة دقائق حتى احمرت، وتأكّدوا من إحراقها التام بحيث أصبحت حمراء، وبعد ذلك أصبحت سوداء متفحمة فوضعوا القطع في علب معقّمة وأعطوها لأحد أشهر المختبرات في صنعاء (مختبر العولقي)، وقام الدكتور صالح العولقي، أستاذ علم الأنسجة والأمراض في جامعة صنعاء، بفحصها نسيجياً وكانت النتيجة مبهرة حيث وجد خلايا عظمة العصعص لم تتأثر ولازالت حية وكأنها لم تحرق، أما الذي احترق فهو العضلات والأنسجة الدهنية وخلايا نخاع العظم المصنعة للدم، أما خلايا عظمة العصعص فلم تتأثر.
فكل هذه التجارب تؤكد أن عجب الذنب لا يبلى، بل يظل محتفظاً بخصائصه وقدرته على التخليق حتى في أصعب الظروف.
 عليه يركب الخلق يوم القيامة
المسألة الثالثة التي أخبرت بها الأحاديث هي أن الإنسان يركب خلقه يوم القيامة من عجب الذنب، ومما يصلح أن يستدل به على هذه المسألة هو أن عجب الذنب بعد أن يتراجع ويستقر في العصعص فإنه إذا حدث له مؤثر ونما مرة أخرى فإنه ينمو نمواً يشبه نمو الجنين، حيث يبدأ في تكوين الطبقات الأولية الثلاث (الإكتودرم والميزودرم والإندودرم) تماماً مثل نمو الجنين، وينمو على صورة ورم مسخي، يشبه الجنين المشوه بحيث تبرز بعض الأعضاء كالقدم واليد - بأصابع وأظافر- والأعضاء الباقية تكون داخل الورمة، وعند فتح الورم بعد استئصاله، فإن الجراح يجد باقي الأعضاء كالأسنان والأمعاء والعظام والشّعر والغدد. ووجود هذه الخلايا في منطقة العصعص لكي تحفظ البداية البشرية، ويمكن الاستدلال بهذا على أن الإنسان يركب من عجب الذنب يوم القيامة فمنطقة عجب الذنب تحتوى على خلايا الشريط الأولي وهي ذات مقدرة شاملة كلية، بحيث لو نمت خلية فإنها تنمو نمواً بحيث تكون جنيناً.
 وجه الإعجاز
من خلال اكتشافات العلم الحديث رأينا أن الإنسان يبدأ خلقه وتركيبه في اليوم الخامس عشر من عجب الذنب، ويعمل عجب الذنب على تكوين أجزاء جسم الإنسان ثم يرجع فيستقر في نهاية العمود الفقري في العصعص، وأظهرت التّجارب أن عجب الذّنب يبقى محافظا على خواصه، حتى لو تعرض للحرق أو الطّحن أو الغلي، وتمكّن العلماء من ملاحظة قدرة عجب الذّنب على إعادة عملية التّخليق إذا تعرّض لبعض المؤثرات مشكلاً ما يشبه الجنين.
وكل هذه الحقائق احتوتها الأحاديث النبوية الشّريفة ولم تتوصّل العلوم التجريبية إلى معرفتها إلا بعد مئات السّنين، وبعد أن تمكّنوا من حيازة التقنيات الحديثة وعلى مراحل مختلفة من تطوّر هذه التقنيات، حتى تمكّنوا من الحصول على هذه الحقائق العلمية التي أخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ موجز يحوي في طيّاته جوامع الكلم، فلا يمكن لعاقل أن يتصوّر مصدراً لهذه الحقائق العلمية من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة غير وحي صادق من الله الخالق الذي خلق فأبدع، وألهم خاتم أنبيائه النطق بهذه الحقائق ليبقى فيها من الشهادات على صدق نبوته ورسالته ما يكون ملائماً لكل إنسان في كل عصر وزمان.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button