التخلف التعليمي العربي؟

إعلان الرئيسية

التخلف التعليمي العربي؟
قد تبدو الإجابة على هذا السؤال المفصلي من أول وهلة بسيطة وسهلة ومستهلكة ولا تحتاج إلى تأنّ أو تفكير لأنه - أي السؤال - يُصافح ماء وجه العربي منذ عقود طويلة، بل ويستوطن البلاد العربية من المحيط إلى الخليج، ولكن على العكس تمامًا أجدها - أي الإجابة - شائكة ومعقدة، بل وتستعصي أحياناً على الفهم والقبول.
لقد تراجع الدور العربي كثيرًا لدرجة أن هذه البقعة الغنية بالحضارة والتاريخ والثروات تعيش الآن خارج إطار العصر الحديث بكل معطياته وتداعياته وإنجازاته وتطلعاته،

بعيدًا عن طموحات الإنسان العربي البسيط الذي يلهث وراء قوت يومه بعد أن عجز عن اللحاق بكرامته وحريته وآماله وأحلامه.
قرون طويلة من التنوير والعلم والمعرفة والعطاء والإنتاج لم تكن لتشفع لهذا الوطن العربي ليحتل مكانة مرموقة تليق بسمعته وتاريخه.

أسباب كثيرة جدًا أدت لهذا التراجع الكبير للدور العربي ليبقى حبيسًا لذاكرة الأمس البعيد، ولكنني سأحاول أن أشير لجانب واحد أراه مهمًا ساهم كثيرًا في ذلك التراجع.

الجانب العلمي والمعرفي هو ما سأخصص له هذا المقال كأحد أهم الأسباب التي أدت لهذا التخلف العربي المهين، لأنه - كما أرى - الأخطر والأساس لكل الجوانب الأخرى سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو حضارية أو ثقافية أو دينية.
التعليم، القراءة، التأليف والنشر، الترجمة، والبحث العلمي

خمسة أركان رئيسية - وهناك طبعًا غيرها - للعلم والمعرفة.
سأتحدث هذه المرة بلغة الأرقام والإحصائيات لأنها الأكثر دقة ووضوحًا وصدقًا، بعيدًا عن التنظير والفلسفة.
سأسجل بعض المفارقات والتناقضات التي تُظهرها المقاربة أو المقارنة - لا فرق - الظالمة بين عالمين مختلفين تقريباً في كل شيء،
العالم الأول المتحضر بغربه وشرقه،
والعالم الثالث المتخلف ومثاله الصارخ الوطن العربي.
وقد استعنت بالعديد من التقارير والدراسات والبحوث الصادرة عن بعض المؤسسات الأجنبية والعربية كمنظمة اليونسكو والألسكو و(sesric) ومؤسسة الفكر العربي ولجنة حقوق الإنسان العربية وغيرها، هذا إضافة للعديد من المقالات المتخصصة التي تناولت هذا الموضوع الحيوي بأقلام أجنبية وعربية.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أبدأ بمعضلة التعليم العربي، حيث تُشير الدراسات والتقارير الصادرة عن تلك المؤسسات والمنظمات إلى التدني الخطير لمستوى التعليم في معظم الدول العربية، لاسيما التي ترزح تحت خط الفقر، وما أكثرها.
أرقام صاعقة جدًا تُظهر الواقع المزري لمنظومة التعليم العربي،
خاصة التعليم العالي،
حيث لا تزيد نسبة الملتحقين بالتعليم الجامعي في كل الدول العربية عن 22%، بينما يصل في كوريا الجنوبية إلى 91%، وأستراليا 72%، وإسرائيل 58%. وكم هو مخجل ألا تتجاوز نسبة التحاق الإناث بالتعليم في مختلف مراحله 50%. أما على مستوى كفاية عدد أساتذة الجامعات العربية إلى عدد الطلاب فإن هناك أستاذا جامعيا واحدا لكل 24 طالباً، بينما في اليابان أستاذ لكل 8 طلاب، وفي أمريكا لكل 13 طالباً.
ثانياً، محنة القراءة في عالمنا العربي حيث يصدق علينا بكل أسف وحسرة هذا العنوان الحزين "أمة اقرأ لا تقرأ"، وأجد أمامي أرقامًا مذهلة تؤكد بما لا يدعو للشك أن العرب أقل شعوب العالم قراءة للكتب والمجلات والصحف والدوريات والدراسات، حيث إن معدل قراءة المواطن العربي المقهور لا يزيد عن ربع صفحة في العام، بينما يقرأ الأمريكي أكثر من 11 كتاباً، والبريطاني 7 كتب في العام الواحد. المعدلات المنخفضة جداً لرغبة العربي في القراءة جعلت منه محل تندر ودفعت المؤسسات والمنظمات العالمية لكي تُبدع في شكل تلك الإحصائيات والمعدلات، فتُشير إحداها إلى أن العربي يقرأ لمدة 6 دقائق فقط في العام الكامل، بينما الغربي يتجاوز الـ36 ساعة، أيضاً معدل القراءة في الوطن العربي لا يزيد عن 4% من معدل القراءة في إنجلترا. مقارنات هزلية ولكنها في حقيقة الأمر مؤلمة ومفجعة، ولكنها قد تبدو "مفهومة" إذا ما علمنا بأن نسبة الأمية المطلقة في الوطن العربي تزيد عن الـ50%، وهي نسبة معيبة لأبناء لغة الضاد!
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ويستمر المسلسل، فحلقة التأليف والنشر العربي تُبرز مدى التراجع الكبير في هذا القطاع الحيوي، فمثلاً لم تنشر كل دور النشر العربية في عام 2007 أكثر من 27809 كتب، ولا تُمثل الكتب المنشورة في العلوم والمعارف من هذا الرقم سوى 15%، بينما الأدب والأديان والإنسانيات أكثر من 65%. كتاب واحد يصدر في العام الواحد لكل 12 ألف عربي، بينما يصدر كتاب واحد لكل 500 إنجليزي، ولكل 900 ألماني. إن ما تستهلكه كل المطابع العربية من ورق لا يساوي ما تستخدمه دار نشر فرنسية واحدة!
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أما الترجمة وهي لغة التواصل بين الحضارات والأمم فلا تجد لها مكانًا مهمًا في ثقافة وذائقة العربي من المحيط إلى الخليج.
مقارنة بسيطة جدًا بين الوطن العربي كله وبلد مثل إسبانيا، وهو من أفقر الدول الأوروبية وتعداده يفوق الـ60 مليوناً، حيث إن الدخل القومي لكل الدول العربية الـ22 يُعادل دخل هذه الدولة لوحدها، أما الكتب التي تُترجم سنوياً إلى اللغة الإسبانية من لغات أخرى تُعادل ما ترجم للغة العربية في أكثر من 300 عام!.
حتى إسرائيل وهي تتحدث بلغة عبرية ميتة كما يصفها العالم، فإنها تُترجم أكثر من 15 ألف كتاب سنوياً، بينما كل الدول العربية لا تُترجم أكثر من 330 كتاباً في العام.
وأخيراً وليس آخراً أزمة البحث العلمي في الوطن العربي كأحد أهم الأسباب الرئيسية للتخلف العربي عن ركب الحضارة والنهضة العلمية.
هناك تقديرات تُشير إلى أن 95% من علماء العالم ينحصرون في أمريكا وأوروبا واليابان، وبذلك يكون نصيب الدول النامية وعلى رأسها الدول العربية 5% فقط، ولعل هذا التفاوت الكبير يُسهم في تفسير الغياب الخطير للبحث العلمي العربي. فقط 318 باحثاً عربياً لكل مليون نسمة من سكان الوطن العربي، مقارنة بـ3600 باحث لكل مليون من الدول المتقدمة.
ويؤكد العالم الأمريكي المصري أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 في مقابلة تلفزيونية أن ما يُصرف على البحث العلمي في اليابان 110 أضعاف ما يُصرف عربياً على البحوث العلمية.
المعدلات والأرقام والإحصائيات أمامي كثيرة ومدهشة ومفزعة، ولكن أحمد الله كثيراً لأن المساحة المتاحة لهذا المقال قليلة ومحدودة!
*نقلاً عن "الوطن" السعودية
__________________
:
سنلحق بالركب.....؟!
أم سنظل نبكي على اللبن المسكوب ..؟!
سنظل هكذا نوصف بالعالم الثالث المتخلف ,
ألا نثور على هذا السبات والغفلة ,ونعود لماضينا وأمجادنا .
حتى هذا لم يسلم من التحريف والتدنيس
وكأنهم يسعون لأن نكون ,
أمة ليس لها ماضٍ ولا حاضر ولا مستقبل !:mad:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button