سياسة الإفقار والتجويع

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية سياسة الإفقار والتجويع

سياسة الإفقار والتجويع

سياسة الإفقار والتجويع
منذ أن هدمت دولة الخلافة وغاب الإسلام عن معترك الحياة، وحكمت أنظمة الغرب العلمانية، وطبق النظام الرأسمالي في الحكم والقضاء، وفي النظام الاقتصادي والاجتماعي، أي عندما أصيبت الأمة بالمرض، ظهرت أعراض هذا المرض وتفشت في جسم الأمة، وانتشرت في كل مناحي الحياة، وعولجت بأدوية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فسمعنا كثيراً عن الخطط الاقتصادية وبرنامج الإصلاحات (برنامج الإفقار والتجويع) وكلها باءت بالفشل وزاد الفقر يوماً بعد يوم، لأن العلاج لم يكن من مبدأ الأمة وعقيدتها.
إن سياسة الإفقار والتجويع المتبعة في الأمة هي مخطط استعماري لجعل الشعوب لا تفكر إلا في لقمة عيشها، وقد اتخذت الدول الاستعمارية سياسات لجعلنا نظل مرتبطين بهم سائرين في فلكهم، ولما يحقق مصالحهم.
ازدياد الفقر لا يعود إلى قلة ثروات البلاد ولا إلى قلة مواردها بل يعود إلى أسباب رئيسية هي عدم الحكم بما أنزل الله وخاصة في النواحي الاقتصادية، وعدم توزيع المال بالحق والعدل، والتقليد المنقوص للغرب والسياسات الاستعمارية ووجود عملاء للغرب لا يهمهم إلا مصالحهم الآنية والأنانية، ولا يهمهم مصلحة الشعب أو الناس، وتسلط الدول الكبرى على مقدرات وثروات شعوب الدول الصغرى، واتخاذ سياسة الإفقار والتجويع كأساس للحاق بها وسببت هذه السياسات في المجتمع آثار سلبية سيئة منها إن الفقر قد يؤدي إلى الكفر أو الفسق أو العمالة أو الارتماء في أحضان منظمات مشبوهة. وإهدار نسبة كبيرة من طاقات المجتمع، وعدم وجود حركة اقتصادية مما يسبب الركود الاقتصادي والتضخم والبطالة وتؤدي سياسة الإفقار إلى تمزق الآسرة وعدم ارتباطها بقبائلها مما يسبب ضعف القبيلة، ويسبب الجرائم وانتشار العصابات ووجود جيل متمرد على كل القيم لعقيدتنا، وبالتالي يفقد المجتمع العيش الهنئ والسكينة في المجتمع، وما تجارة الأطفال وتهريبهم إلى دول الجوار إلا بسبب سياسة الإفقار والتجويع هذه.
إن العلاج الناجع هو في الإسلام وحدة، لان الإسلام وضع أحكاما فقرر أن العمل بكل أنواعه المشروعة هو السبب الأول والطريقة الأصلية لحصول الإنسان على المال، قال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} ، وإن لم يجد الإنسان العمل (رعايا الدولة) كما هو حاصل اليوم من بطالة وجب على الدولة أن توفره له، لأنها مسئولة عنه، قال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم : «والإمام راع وهو مسئول عن رعيته» [رواه البخاري ومسلم] . وإن عجز الفرد عن توفير النفقة له ولأهله وجبت تلك النفقة على أقاربه ومحارمه، قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} ، وإن عجز من تجب عليه النفقة من أقاربه ومحارمه عن تقديم النفقة له، أو لم يكن له أقارب ومحارم، انتقلت حينئذ على بيت المال فيجب على بيت المال أن يقوم بتوفير جميع الحاجات الأسـاسـية للعاجز وإشباع حاجاته إشباعاً كلياً من ديوان الزكاة (أحد دواوين بيت مال المسلمين) قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} .
ودولة الخلافة كفيلة بتوزيع ذلك على الأصناف الثمانية بعد إحصاء جميع الفقراء والمساكين والغارمين وتوزيع الزكاة عليهم حسب الحاجة، وإن لم يكف ديوان الزكاة لسد حاجات الفقراء والمساكين يجب على الدولة سد حاجاتهم من موارد بيت المال الأخرى، قال صلى الله عليه وآله وسلم : «أيما مؤمن مات وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا ومن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني وأنا مولاه» ، وإن لم يكف بيت المال بدواوينه الأربعة (ديوان الزكاة، ديوان الملكية العامة، ديوان ملكية الدولة، ديوان الطوارئ) انتقلت الرعاية إلى أغنياء المسلمين قال تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} وعندها تفرض الدولة ضرائب على الأغنياء فقط وبقدر الحاجة لسداد العجز وإشباع حاجات الناس.
إن الإسلام جعل من أحكامه رعاية المسلم لأخيه المسلم فالمسلمون يقومون فيما بينهم من التعاطف والتراحم والتالف والتعاضد، قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ} ، كما حث الإسلام على الصدقات الجارية والأوقاف وغيرها، وحرم الإسلام كنز المال، وأوجب تداوله وفرضت الدولة إعطاء من أموالها الخاصة التي تملكها منقولة وغير منقولة لمن قصرت به الحاجة، قال تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} وجعل الإرث كوسيلة من وسائل تقييم الأموال، ومنع الإسلام التقتير ومنع البذخ والإسراف من المتكبر، وفرض أن الإنسان لابد أن يأخذ المال لأجل الحياة.
وبهذا يتبين إن الإسلام وفر لكل فرد حاجاته الأساسية من مأكل ومسكن وملبس وسعي لتوفير الزواج وما يركب لقضاء مصالحه البعيدة كما ضمن التعليم والتطبيب مجاناً، وبذلك يقضي على مخططات البنك الدولي، وعلى خطط الاستعمار الغربي، وعلى أنانية المستفيدين من الأوضاع الفاسدة، الذين نهبوا الثروات وجوعوا الشعوب.
فبادروا يا أهل اليمن بالعمل مع المخلصين من أبناء الأمة الإسلامية لتنالوا شرف إقامة دولة الخلافة لتنالوا رضوان الله، كما ناله أسلافكم بنصرة الإسلام، إنقاذاً لأنفسكم وللعالم، ليعم خير الإسلام العالم كله وينقذه من حضارة الرأسمالية التي ما انفكت تدفعه دفعاً شديداً نحو الهلاك.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button