القبر
الخميس 17 يوليو 2025

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية القبر

القبر

محتويات المقال

    القبـــــــــــر (1)
    dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: .0001pt; margin: 0cm; text-align: justify; text-indent: 19.85pt; text-justify: kashida; text-kashida: 0%; unicode-bidi: embed;"> الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد ...
     فإن أكبر ما يقلق أهل الإيمان ، ويفزع أهل الإحسان ، هو مصيرهم يوم خروجهم من هذه الدنيا ، إلى أين الذهاب ؟ إلى رحمة أم عذاب ؟ إلى نعيم أم جحيم ؟ فلقد رأينا أكثر الناس يجتهدون كل الاجتهاد لاجتناب أسباب المرض وأسباب الفقر ، يتخذون جميع الأسباب لئلا يقعوا في آفات الدنيا ومصائبها ، فأولى بهم أن يجتهدوا لاجتناب العذاب الذي لا ريب في وقوعه ، ونحن نعلم أن أكثر الناس عنه معرَّضون ، والناجون منه قليلون ، فظواهر القبور تراب ، وبواطنها حسرات وعذاب ، تراها بالحجارة المنقوشة مبنيات، وفي باطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها ، قد حيل بينها وبين أمانيها ، تالله لقد وعظتْ فما تركت لواعظ من مقال ، ونادت: يا عُمّار الدنيا لقد عمرتم دارا موشكة على الزوال ، وخربتم داراً هي لكم دار المآل ، عمرتم بيوتاً لغيركم سُكناها ، وخربتم دارا ليس لكم سواها.
    أيها الأخوة .. يقول تعالى: ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) . هذه قولة الكافر عند الاحتضار ثم ما يقوله في قبره في لهفه أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا ، يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب، والبرزخ الحاجز بين الدنيا والآخرة، وهي القبور حيث يُنعم المؤمنون ويُعذب الكافرون والعاصون.
    فما القبر؟ وما صفته؟ وهل للقبر عذاب؟ وما أسبابه؟ وكيف النجاة منه؟
    القبر: أول منازل الآخرة، يكرم فيه المؤمن تهيئة لما ينتظره في الجنة ويعذب فيه الكافر والعاصي تهيئة لما ينتظره في جهنم.  وينبغي أن تعلم: أن الموت كأس وكل الناس شاربه قال تعالى: ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ( كل نفس ذائقة الموت ) ، ( كل شيء هالك إلا وجهه )  فلا منجى ولا مهرب.
    والواجب على المسلم : الإيمان المطلق به والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ( ومن أصدق من الله حديثا ) ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )
    إن عذب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب . 
    أيها الأخوة .. إن للنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها :  
    الأولى :  في بطن الأم ،  حيث يتخلق فيه وتنفخ فيه الروح.
    الثانية :  ، دار الدنيا ،  وفيها يكتسب العبد الحسنات والسيئات.
    الثالثة  : دار البرزخ ،  وهي أوسع ونسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى.
    الرابعة : دار القرار ،  وهي الجنة أو النار فلا دار بعدها .
    وأما صفة القبر: فاعلم أن القبر حفرة مظلمة ، في صحيح البخاري عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذه القبور مليئة ظلمة على أهلها ، وإن الله عز وجل منورها بصلاتي عليهم " .
     وفي القبر ضمة لا ينجو منها أحد ، كبيرا كان أو صغيرا ، صالحا أو طالحا ، ثبت في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ "  وفي رواية النسائي : "هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه " .  
    وفي القبر فتنة : فقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسأل بعد موته قبر أم لم يقبر فلو أكلته السباع أو صار رمادا لسئل عن أعماله وجزي بالخير خيرا وبالشر شرا ، لما ثبت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه  إنه ليسمع خفق نعالهم ، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله قال : فيقول : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، وأما الكافر والمنافق فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقولان: لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين " . وفي رواية أبي داود وغيره : " فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ، فذلك حين يقول الله عز وجل : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ) ، فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم  ، فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، وقال في العبد الكافر أو الفاجر : ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان : فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يهتدي لاسمه ، فيقال : محمد ، فيقول : هاه هاه لا أدري ، فينادى مناد من السماء أن كذب عبدي  .
    أيها الأخوة ... وأما هل للقبر عذاب ؟ : فإن عذاب القبر ثابت في الكتاب والسنة. قال تعالى: ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) . قال ابن عباس: جزء منه في الدنيا ، والنصيب الأكبر منه في القبر ، والعذاب الأكبر هو عذاب جهنم ، قال مجاهد: يعني به عذاب القبر. وقال تعالى : ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) قال ابن كثير : وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبر . حيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنهار ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم. وقال تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) . فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.
    ومن الحديث ما روى مسلم في صحيحه عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر " . فقالت أم بشر : وهل للقبر عذاب؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم " .
    وجاء في صحيح مسلم في دعائه صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير: " اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال " .
    أيها الأخوة ... وأما أسباب عذاب القبر فمنها :
    1-    عدم الاستتار من البول ، والمشي بالنميمة ، في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه كبير ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله " . وثبت في سنن الدارقطني عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تنزهوا من البول ، فإن عامة عذاب القبر منه " .
    2-    الكذب ، في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ومعه جبريل وميكائيل ، رأى رجلا جالسا ، ورجل قائم بيده كلوب من حديد يدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه ، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ، ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله . قال جبريل عنه : كذاب يحدث الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق ، فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة " .
    3-    هجر القرآن : في الحديث السابق : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا مضطجعا على قفاه ، ورجل قائم على رأسه بصخرة فيشدخ به رأسه ، فإذا ضربه تدهده الحجر ، فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو فعاد إليه فضربه ، قال جبريل : هو رجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار ، يفعل به إلى يوم القيامة .
    4-    أكل الربا : جاء في الحديث السابق : فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم ، على وسط النهر بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر ، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان . قال جبريل : الذي رأيته في النهر هم آكلوا الربا .
    5-    الزنا : في الحديث السابق : فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا ، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا يخرجوا ، فإذا خمدت رجعوا فيها ، وفيها رجال ونساء عراة . قال جبريل : والذي رأيته في الثقب فهم الزناة .
    تزود من الدنيـــــــــا فإنك لا تدري       إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجــر
    فكم من عروس زينوها لزوجهــــــا      وقد أخذت أرواحهم ليلـــــــة القدر
    وكم من صغار يرجى طول عمرهم     وقد أدخلت أرواحهم ظلمة القبـــر
    وكم من سليم مات من غير علــــة       وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
    وكم من فتى يمسي ويصبح لاهيــا       وقد نســـجت أكفانه هوهو لا يدري
    وكم من ساكن عند الصباح بقصره       وعند المسا قد كان من ساكن القبـر
    فكن مخلصا واعمل الخير دائمــــا       لعلك تحظى بالمثوبة والأجـــــــــر
    وداوم على تقوى الإله فإنهـــــــــا                  أمان من الأهوال في موقف الحشر




    التصنيفات:
    تعديل المشاركة
    Back to top button