مهارات الاستماع وكيفية
التدريب عليها
عناصر الدراسة :
1 ـ المقدمة :
2 ـ مفهوم المهارة :
3 ـ الفرق بين السماع
والإنصات والاستماع :
4 ـ شروط الاستماع الجيد :
5 ـ كيفية تنميتها لدى
التلاميذ :
6 ـ أسس تدريس الاستماع :
7 ـ خطوات درس الاستماع :
8 ـ توجيهات في تدريسه :
9 ـ إحصائيات متعلقة
بالاستماع :
المقدمة
إذا دققنا النظر في مصطلح " القراءة " ، نجده مصدرا قياسيا للفعل
الثلاثي " قرأ " ، على وزن " فعالة " لدلالته على
" حرفة " ، وإذا تتبعنا استعماله في المعجم اللغوي
العربي ، نجده حظي من العناية ، وكثرة التداول والتكرار بما لم يحظ مصطلح آخر .
فكلمة اقرأ في حد ذاتها كلمة الاتصال بين جبريل الملك المبلغ عن ربه ، وبين الرسول
الكريم محمد بن عبد الله سيد البشرية وخاتم الرسل والأنبياء عليه أفضل الصلاة
وأزكى التسليم ، حيث قال تعالى { اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق اقرأ وربك
الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم } .
وقد تكرر هذا المصطلح
بألفاظه المختلفة في القرآن الكريم سبع عشرة مرة مما يدل على عناية الإسلام به
وتكريمه له . ومن حق هذه الكلمة علينا كمسلمين ودارسين أن نكرمها ونعتني بها
ونعيشها واقعا في حياتنا ؛ لأنها سبيلنا إلى التحضر والرقى والرفعة ، وهى قنطرة
الحاضر إلى الماضي ، حيث تنتقل عبرها التجارب والخبرات السابقة إلينا ، وهى البنية
الوحيدة التي تستطيع أن تنقل خطانا ثابتة إلى المستقبل المضيء .
وعندما نتحدث عن مصطلح " القراءة " في مدارسنا ، ومؤسساتنا التعليمية ،
فإننا نتحدث عن قصة هجر وإهمال لهذه الكلمة ، بينما تعد القراءة عند الناطقين
بالضاد واجبا مفروضا ، وإحدى وسائل مضاعفة الأجر والثواب ، فكل حرف نقرؤه من كتاب
الله الكريم نجزى عليه بعشر حسنات كما أخبرنا الصادق الأمين نبي البشرية عليه
الصلاة والسلام .
والقراءة
في خطتنا الدراسية تحتاج إلى وقفة متأنية ، لمعالجة أوضاعها ، من حيث أقسامها ،
ومزايا كل قسم ، ومهاراتها ، وكيفية إكسابها الناشئة . وهى مهارة أساس من ضمن أربع
مهارات يقوم عليها البناء اللغوي عند الإنسان ؛ وهى : القراءة ، والكتابة ،
والاستماع ، والتحدث . وسوف نفرد بمشيئة الله لكل مهارة محاضرة مستقلة ، وسيكون
حديثنا في هذه المحاضرة منصبا على مهارة الاستماع ؛ وذلك حسب التسلسل الذي يسير
عليه تعلم اللغة وهو : الاستماع ، ثم التحدث ، ثم القراءة ، ثم الكتابة .
تعريف المصطلحات :
1 ـ المهارة :
توفر القدرة اللازمة لأداء سلوك معين بكفاءة تامة وقت الحاجة إليه . كالقراءة
والكتابة ، ولعب الكرة ، والسباحة ، وقيادة السيارة وما إلى ذلك .
2 ـ السماع :
مجرد التقاط الأذن لذبذبات صوتية من مصدرها دون إعارتها أي انتباه ، وهو عملية
سهلة غير معقدة ، تعتمد على فسيولوجية الأذن ، وسلامتها العضوية ، وقدرتها على
التقاط الذبذبات .
3 ـ الإنصات :
تركيز الانتباه على ما يسمعه الإنسان من أجل تحقيق غرض معين .
4 ـ الاستماع :
مهارة معقدة يعطي فيها الشخص المستمع المتحدث كل اهتماماته ، ويركز انتباهه إلى
حديثه ، ويحاول تفسير أصواته ، وإماءاته ، وكل حركاته ، وسكناته .
من المفاهيم السابقة نستنتج أن السماع عملية فسيولوجية تولد مع الإنسان وتعتمد على
سلامة العضو المخصص لها وهو الأذن . في حين يكون الإنصات والاستماع مهارتين
مكتسبتين . والفرق بين الإنصات والاستماع : اعتماد الأول على الأصوات المنطوقة ليس
غير ، بينما يتضمن الاستماع ربط هذه الأصوات بالإماءات الحسية والحركية للمتحدث .
شروط الاستماع
الجيد : ـ
لصعوبة مهارة الاستماع ، واعتمادها على عدد من أجهزة الاستقبال ، لا يمكن تحققها
إلا بتوفر عدة شروط ، أهمها : ـ
1 ـ الجلوس في مكان بعيد عن
الضوضاء .
2 ـ النظر باهتمام إلى
المتحدث ، وإبداء الرغبة في مشاركته .
3 ـ التكيف ذهنيا مع سرعة
المتحدث .
4 ـ الدقة السمعية التي
بدونا تتعطل جميع مهارات الاستماع .
5 ـ القدرة على التفسير ،
والتمثيل اللذين عن طريقهما يفهم المستمع ما يقال .
6 ـ القدرة على التمييز بين
الأصوات المتعددة ، والإيماءات المختلفة .
7 ـ القدرة على التمييز بين
الأفكار الرئيسة ، والأفكار الثانوية في الحديث .
8 ـ القدرة على الاحتفاظ
بالأفكار الرئيسة حية في الذهن .
أهداف تدريس الاستماع
1 ـ تنمية قدرة التلاميذ
على متابعة الحديث .
2 ـ تمييز التلاميذ بين
الأصوات المختلفة .
3 ـ تمييز التلاميذ بين
الأفكار الرئيسة ، والثانوية .
4 ـ تنمية قدرة التلاميذ
على التحصيل المعرفي .
5 ـ الربط بين الحديث ،
وطريقة عرضه .
6 ـ تنمية قدرة التلاميذ
على تخيل المواقف التي تمر بهم .
7 ـ استخلاص التلاميذ
النتائج مما يستمعون إليه .
8 ـ استخدام التلاميذ سياق
الحديث لفهم معاني المفردات الجديدة عليهم .
9 ـ تنمية بعض الاتجاهات
السلوكية السليمة ، كاحترام المتحدث ، وإبداء الاهتمام بحديثه ، والتفاعل معه .
مهارات الاستماع
قسم التربويون مهارات الاستماع إلى أربعة أقسام رئيسة هي :
أولا : مهارات الفهم ودقته
، وتتكون من العناصر الآتية :
1 ـ الاستعداد للاستماع
بفهم .
2 ـ القدرة على حصر الذهن ،
وتركيزه فيما يستمع إليه .
3 ـ إدراك الفكرة العامة
التي يدور حولها الحديث .
4 ـ إدراك الأفكار الأساس
للحديث .
5 ـ استخدام إشارات السياق
الصوتية للفهم .
6 ـ إدراك الأفكار الجزئية
المكونة لكل فكرة رئيسة .
7 ـ القدرة على متابعة
تعليمات شفوية ، وفهم المقصود منها .
ثانيا : مهارات الاستيعاب ،
وتتكون من العناصر التالية : ـ
1 ـ القدرة على تلخيص
المسموع .
2 ـ التمييز بين الحقيقة
،والخيال مما يقال .
3 ـ القدرة على إدراك
العلاقات بين الأفكار المعروضة .
4 ـ القدرة على تصنيف
الأفكار التي تعرض لها المتحدث .
ثالثا : مهارات التذكر ،
وعناصرها كالتالي : ـ
1 ـ القدرة على تعرف الجديد
في المسموع .
2 ـ ربط الجديد المكتسب
بالخبرات السابقة .
3 ـ إدراك العلاقة بين
المسموع من الأفكار ، والخبرات السابقة .
4 ـ القدرة على اختيار
الأفكار الصحيحة ؛ للاحتفاظ بها في الذاكرة .
رابعا : مهارة التذوق
والنقد ، وتتصل بها العناصر الآتية : ـ
1 ـ حسن الاستماع والتفاعل
مع المتحدث .
2 ـ القدرة على مشاركة
المتحدث عاطفيا .
3 ـ القدرة على تمييز مواطن
القوة ، والضعف في الحديث .
4 ـ الحكم على الحديث في
ضوء الخبرات السابقة ، وقبوله أو رفضه .
5 ـ إدراك مدى أهمية
الأفكار التي تضمنها الحديث ، ومدى صلاحيتها للتطبيق .
6 ـ القدرة على التنبؤ بما
سينتهي إليه الحديث .
تنمية مهارات الاستماع
هذه
مجموعة من المقترحات التي نأمل أن تسهم في تنمية هذه المهارات الهامة ، مع ضرورة
التنبه إلى أن هذه المقترحات تخضع في تنفيذها لعدد من الاعتبارات أهمها : ـ
ا ـ نوعية الأهداف السلوكية
المطلوب تحقيقها ، وصياغتها صوغا إجرائيا .
ب ـ حسن إعداد البيئة
التعليمية .
ج ـ مناسبة تلك البيئة
لمستوى التلاميذ المهاري والمعرفي .
وأهم هذه المقترحات هو :
أولا : كيفية تنمية مهارة
التمييز بين الأفكار الرئيسة ، والأفكار الثانوية : ـ
1 ـ يقوم المعلم بعرض تسجيل
لحوار معين ، أو قراءة جزء من موضوع ما ، ويطلب من التلاميذ :
ـ ذكر أسماء أشخاص الحوار .
ـ ذكر أكبر قدر من الحقائق
التي استمعوا إليها .
ـ ترتيب الحقائق حسب ورودها
في الحوار .
ـ ذكر المشاعر التي أثارها
الحوار لديهم ، ومدى معايشتهم لها .
ـ ذكر المفردات التي لفتت
انتباههم .
ـ ذكر التراكيب التي
أعجبتهم .
ـ بيان أسلوب الحديث
والوسائل التي استعان بها الكاتب في عرض أفكاره ؛ من طول أو قصر الجملة ، استخدام
صور التوكيد ، التشبيهات أو الاستعارات ، الصور البديعة المختلفة .
ـ بيان العلاقة بين انفعال
المتحدث وطريقة تعبيره .
2 ـ كيفية تنمية قدرة التلاميذ
على فهم معاني المفردات الصعبة ، واستخدامها في تراكيب مفيدة : ـ
ـ كتابة معاني الكلمات
الصعبة على السبورة .
ـ استعانة التلاميذ بالسياق
في فهم معاني بعض الكلمات الجديدة .
3 ـ كيفية تنمية القدرة على
متابعة الحديث ، وربط عناصره بعضها ببعض : ـ
ـ قراءة نص مكون من عدة
فقرات مترابطة .
ـ مناقشة التلاميذ في
الأفكار الواردة في الموضوع .
ـ تكليف التلاميذ وضع
عناوين لفقرات الموضوع .
ـ مناقشة التلاميذ في
العلاقة بين مقدمة الموضوع وخاتمته .
أسس تدريس الاستماع
أولا : الانتباه : ـ
من المطالب الرئيسة لسمع
الرسالة وتفسيرها ، وتحديد السلوك المترتب عليها .
ثانيا : التخلص من المشتتات
الشعورية واللاشعورية ، كالبعد عن مصادر الضوضاء ، والاستماع للمتحدث بدلا من
الرسالة ، والمستمع الكفء هو من يقدر أهمية الاستماع الفعال ، ويعلم أنها تنقص
كلما كان المستمع يعانى من متاعب جسدية أو نفسية .
ثالثا : التدريس الفعال
الذي يزيد من وعى التلاميذ بأساليب توجيه الانتباه ، وتجنب عوامل التشتت الذهني .
رابعا : استرجاع الخبرات
السابقة له أكبر الأثر في فهم الموضوع وتفسيره .
خامسا : تكوين مهارة
الاستماع النقدي بالتدريب على اكتشاف المتناقضات ، وأساليب الدعاية ، وأهداف
المتحدث .
سادسا : التدريب الجيد على
فهم معاني الكلمات من السياق ، حيث يتعذر على المرء استعمال القاموس أثناء
الاستماع .
سابعا : مما يعوق الاستماع
أن تفكير المستمع يسبق المتحدث ، مما يتطلب من المستمع توظيفه في إبعاد المشتتات ،
وخدمة الاستماع الفعال .
خطوات درس الاستماع
التمهيد :
تهيئة أذهان التلاميذ لدرس الاستماع ، وذلك بإيضاح أهمية الدرس ، وطبيعة المادة
العلمية التي ستقدم إليهم ، ثم تعيين المهارة التي يراد التدريب عليها ، كاستخراج
الأفكار الأساسية ، والتمييز بينها وبين الأفكار الثانوية .
العرض :
ـ تقديم المادة وما يتناسب والهدف المراد تحقيقه ، كالإبطاء أو الإسراع
في القراءة ، أو التوقف قليلا عند نهاية الفقرة ، وما إلى ذلك .
ـ
توفير كل ما يمكن أن يساعد على تحقيق أهداف الدرس ، كتوضيح معاني الكلمات الجديدة
، أو المصطلحات غير المألوفة ، والابتعاد عن مواطن التشتت الذهني .
ـ
مناقشة التلاميذ فيما استمعوا إليه ، بوساطة طرح الأسئلة التي توصل إلى تحقيق
الأهداف .
ـ
تقويم التحصيل بطرح أسئلة أكثر عمقا ، لها ارتباط في صياغتها بالأهداف السلوكية ،
التي سبق تحديدها عند إعداد الدرس . ويشترط في هذه الأسئلة أن تكون شاملة لجميع
الأهداف ، وقادرة على قياس ما وضعت له فقط .
توجيهات عامة في تدريس
الاستماع : ـ
1 ـ ينبغي للمعلم أن يكون
دائما قدوة لتلاميذه ، وفى درس الاستماع ينبغي على التلاميذ أن يقتدوا بمعلمهم في
حسن الانتباه ، والإنصات ، وعدم مقاطعة المتحدث ، أو القارئ قبل أن ينتهي إلا
لتنبيهه إلى خطأ لا يجوز السكوت عنه .
2 ـ التخطيط الجيد للدرس ،
ووضوح الأهداف المطلوب تحقيقها بدقة متناهية .
3 ـ انتقاء النصوص الشيقة
الملائمة لمستوى التلاميذ ، واختيار المواقف اللغوية المعينة على تحقيق الأهداف
المنشودة .
4 ـ تهيئة الإمكانات
المساعدة على تحقيق الأهداف ، كالبعد عن الضوضاء ، والإلقاء الجيد ، واستخدام
الوسائل التعليمية الملائمة .
إحصائيات تتعلق
بالاستماع : ـ
أولا : تبث من خلال الأبحاث
العلمية أن الفرد العادي يستغرق في الاستماع ثلاثة أمثال الوقت الذي يمضيه في
القراءة .
ثانيا : أجرى أحد الباحثين
دراسة في العلاقة بين المهارات اللغوية ، ومدى ممارسة كل منها ، فتوصل إلى النتائج
التالية : ـ
1 ـ يستمع المرء يوميا
بمقدار يعادل كتابا متوسط الحجم .
2 ـ يتحدث بما يعادل كتابا
كل أسبوع .
3 ـ يقرأ ما يساوى كتابا كل
شهر .
4 ـ يكتب ما يعادل كتابا كل
عام .
ثالثا : استطلع أحد
الباحثين نخبة من المعلمين حول ما يتعلمه الأطفال عن طريق الاستماع ، فكانت
النتيجة ما يلي : ـ
1 ـ أن الأطفال يتعلمون عن
طرق القراءة بنسبة 35 % من مجموع الزمن المخصص للتعلم .
2 ـ يتعلمون عن طريق الكلام
والمحادثة بنسبة 22 % من مجموع الزمن المخصص للتعلم .
3 ـ يتعلمون عن طريق
الاستماع بنسبة 25 % من مجموع الزمن المخصص للتعلم .
4 ـ ويتعلمون عن طريق
الكتابة بنسبة 17 % من مجموع الزمن المخصص للتعلم .
وأخيرا وبعد أن علمنا ما
لمهارة الاستماع من أهمية بالغة في رفع مستوى التحصيل الدراسي لدى التلاميذ ، نأمل
من إخواننا المعلمين أن يستثمروا هذه المهارة ويوظفوها فيما يعود على أبنائنا
التلاميذ بالنفع والفائدة ، والله الموفق .