عصر السرعة …. المخيفة

إعلان الرئيسية

قلم: عبدالرحمن مطهر ابوطالب
لعل المتأمل في تاريخ البشرية عبر ألاف السنين يستغرب سر هذا التقدم العلمي في حياة الإنسان خلال
القرنين الماضيين في جميع مجالات الحياة وقد يزداد استغرابا عند التأمل في التطور التقني الذي حصل خلال العقدين الماضيين خاصة في عالم التكنو لوجيا والكمبيوت ر، ورغم أن ما وصل إليه الإنسان هو حصاد علم تراكمي عبر الأجيال إلا انه يتسارع مؤخرا بشكل مخيف لا يمكن معه التنبؤ بما ستحله لنا الأيام القادمة.

ويعد علم صناعة الكمبيوتر الأسرع تطورا والأكثر تأثيرا في كل العلوم والصناعات الأخرى ولكن في نفس الوقت تعتبر منتجات الكمبيوتر أقل المنتجات في عمرها الافتراضي ولهذا يلاحظ أن الاستثمار في قطاع الدعاية والإعلان لمنتجات الحاسوب شبه معدو م لأنه خلال فترة تجهيز الإعلان عن موديل معين يكون قد توقف تصنيعه لصالح موديل أحد ث ، فالأجهزة المنتجة اليوم لا تصلح للعمل أكث ر من خمس سنوات يكون حينها من الضرورة استبدالها بالأحد ث لتتواءم مع البرامج الحديث ة وبعض البرامج التي كانت تعمل على أنظمة تشغيل ظهرت قبل عدة سنوات لا تعمل على أنظمة التشغيل الحديثة وهكذا مع الوقت تجد أن الجهاز الذي اشتريته منذ سنوات بسيطة ينتهي عمره الافترا ضي قبل أن تنتهي أقساط ثمنه عندئذ تدخل في دوامة التفكير بشراء جهاز جديد وقد تتساء ل حينه ا ما جدوى احتفاظك بقرص ليزر يحتوي على صور رقمية التقطتها لعائلتك وأنت لا تعلم هل سيتمكن أبنائك أو أحفادك من استعراضها بتقنيات عصرهم أم لا.

كل هذا التطور يجعلنا نقف بتحسر أمام عجزنا كشعوب عربية عن المساهمة في تطوير وإنتاج هذا العل مالذي أسس قواعده أسلافنا العلماء ، حتى أن بعض الدول التي يعتقدها البعض الأكثر تطورا على مستوى المنطقة ليست سوى مستهلكة وسوق كبيرة لمنتجي التكنولوجيا في حين أن دوله فقيرة كالهند تعد من اكبر الدول ا لمصدرة للتكنولوجيا؟!
غير أ ن ما يد عو للحسرة أكثر وأكثر هو عدم إدراك البعض لأهمية مواكبة التطور حتى ولو كان من باب الاستهلاك على اعتبار أننا شعوب مستهلكة بالفطرة، وسأذكر واقعة طريفة أو يمكن القول أنها مضحكة ومبكية معا إن صح التعبير، ذلك أن إحد ى الجهات الحكومية في بلادنا حصلت على منحة خارجية متمثلة في عدد كبير من أجهزة الكمبيوتر لدعم هذه المؤسسة ولأنها تفتقر إلى التخطيط الاستراتي جي المسب ق ومعرفة احتياجاتها الفعلية كحال بعض مؤسسات الدولة التي لا تزال حتى الآن لا تعرف الفرق بين جهاز التلفزيون وجها ز الكمبيوتر فقد وجه صاحب القرار في هذه المؤسسة بالاحتفاظ بهذه الأجهزة في المخازن للزم ن، معتمدا في قراره على فطنته وحكمته المشهود بها ، وبعد مضي ست سنوات حصلت نفس الجهة على مساعدة أخرى متمثلة في نظام وبرنامج آلي لأتمتة أعمال هذا المؤسسة، وحين وقف مسئولي الم ؤسسة أمام مشكلة تمويل شراء الأجهزة اللازمة لإكمال المشروع انبرى هذا القائد بابتسامة الواثق وأفاد بأن مخازن المؤسسة فيها الأجهزة المطلوبة ولا داعي لشراء أجهزة جديدة وكم كانت صدمته حين أفاد المختصون بعد فحصها بأ نها قديمة ولم تعد تصلح سوى لألعاب السوليتير الش هيرة و المحبوبة لدى الموظف الحكومي، ونتيجة لهذا خسرت المؤسسة المنحتين ولم تستفد لا من الأجهزة ولا من النظام.

لابد أن يكون هذا المسئول وغيره ممن يملكون القرار في مرافق وأجهزة الدولة الأخرى قد أخذوا العبرة للاهتمام بتطوير العمل الحكومي في مؤسساتهم، فلا تكفي طموحات وجهود المختصين التقنيين في تطوير أي وزارة أو مؤسسة أو هيئة حكومية في ضل غياب الوعي التقني لدى صاحب القرار الأول فيها ولنا في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) وقيادتها أسوة حسنة في هذا المضمار رغم إمكانياتها المحدودة.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button