القدس في الشعر العربي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية القدس في الشعر العربي

القدس في الشعر العربي

بحث : [ اللغة العربيـة ] بعنوان :




تقـرير من إعــداد الطـالب :
إبراهيم  محمد حسن

الثاني عشر الأدبي :  3
2010 – 2011

المقــدمة
       أولى القبلتين .. وثالث الحرمين الشريفين .. بارك الله فيها وفيما حولها بنص القرآن .. قال تعالى : " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله.... " [1]
       زهرة المدائن .. منذ فتحها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورفض الصلاة داخل كنيسة القيامة .. والمدينة مقدسة عند كل الأديان والطوائف والمذاهب .
       تم احتلال القدس كاملة بعد هزيمة حزيران 1967م ، وبعد هذه الفاجعة ظل شعراؤنا في شتى أقطار العالمين العربي والإسلامي وهم يترنمون بزهرة المدائن .

       وفي تقريري هذا سوف ألقي الضوء على مكانة هذه المدينة ، قبلة المسلمين الأولى .. في قلوب ووجدان شعراؤنا في شتى الأقطار ... فالتقرير ليس نسخا لأبيات أو لقصائد بقدر ما هو نقل صورة واضحة عن مدى رسوخ مدينتنا المقدسة في نفوس وقلوب ووجدان أجيالنا المتعاقبة من الشعراء والأدباء والكتاب ، وإن كان تقريري يقتصر على الشعر في مجمله .

       أرجو وأتمنى أن يوفقني الله  سبحانه في تقل الصورة التي أريدها بشكل  يليق بقداسة مدينتنا الحبيبة ( القدس ) ، معتمدا في ذلك على توفيق الله سبحانه أولا ، ثم على توجيهات وآراء معلمي الفاضل الأستاذ / عمـاد .. جعل الله كل ما يقدمه لنا في ميزان حسناته إن شاء الله .


هذا وبالله التوفيق ،،




التمهيد للتقــرير

أولا : اسـباب اختيار موضوع التقرير :

       للقدس مكانة في نفس كل مسلم غيور على مقدساته وكرامة أمته ، ونظرا لذلك فقد اخترت هذا الموضوع ، مع وجود أسباب أخرى أوجزها في الآتي :
1-    الاطلاع على نماذج شعرية متعددة تناولت المدينة المقدسة .
2-    الوقوف على بعض الجوانب التاريخية لهذه المدينة من خلال القصائد .
3-    إبراز لما للقدس من مكانة وقداسة عند معظم الشعراء العرب والمسلمين .
4-    بيان العلاقة الوطيدة بين القدس وأدب المقاومة في الشعر العربي .
5-    رصد ونقل نماذج متميزة للشعر الذي اهتم بالقدس وقضيتها .

آمـل وأتمنى أن  ينال هذا التقرير القبول والاستحسان لدى معلمي الفاضل أولا ، ثم لدى زملائي وكل من يطلع عليه .


المصـادر والمراجـع :
1- عدة دواوين شعرية ، منها : محمود درويش ، نزار قباني ، فدوى طوقان ...الخ.
2- مواقع ثقافية على شبكة الإنترنت ، مثل : الموسوعة العالمية للشعر العربي .
3- دراسات عرضتها جريدة القدس التي تصدر في القدس المحتلة .
4- معلم المادة الفاضل ومكتبة المدرسة وما تحويه من مراجع في صميم التقرير.


هذا وبالله التوفيق ،،،،









            المسـجد الأقصى                             مسجد قبة الصخرة
القدس ... والنص الشعري  الكلاسيكي
معروف أنّ العصابات الصهيونية احتلّت القدس على مرحلتيْن، عامي 1948 و1967، وعملت على تخريب المظاهر الإسلامية فيها، كما عملت على تغيير الوضع الديمغرافي ممّا أنتج وضعاً جديداً يتمثّل في أغلبية يهودية ساحقة، وأقلية فلسطينية تسعى إلى تحدّي السلطات الصهيونية التي تتفنّن في ابتداع وسائل تهجيرها. ولأنّ القدس كانت ولا زالت تشغل هذا الشأن الخطير فقد كانت مثار اهتمام الأدباء العرب في العصر الحديث، إذْ راح هؤلاء يكتبون عن تلك المدينة، كلٌّ وفق رؤيته وموقفه وموقعه الإبداعي.
ولعلنا نشير هنا إلى أنّ اقتصار هذا البحث على الشعر الذي قيل حول المدينة المقدسة عائد إلى أنّ النصوص الشعرية المتوفّرة كثيرة جداً، خاصةً بعد أنْ أصدرت الشـركة الهندسية لتطوير نظم الحاسبات في القاهرة قرْصاً ليزرياً باسم القدس يحتوي على عدة نوافذ تحيل إحداها على نحو مائة وعشرين نصاً شعرياً حول القدس. وثمّة أمر آخر دفعني إلى التورّط الجميل في هذا البحث، فقد نشر بحث حمل العنوان ذاته، في إحدى صحفنا المحلية، ولكنّه للأسف لم يذكرْ عن القدس سوى أربعة شواهد شعرية منها شاهدان ينتميان إلى قصيدة واحدة.
لقد تفاوتت نظرة الشعراء إلى القدس، فمنهم من اقتصر على تصوير حبّه لها، ومنهم من رصد محاولات تهويدها، فيما صور بعض الشعراء النضال الوطني لأهل هذه المدينة الباسلة، وتحدّثوا عن المستقبل يأساً أو تفاؤلاً.  وغنيّ عن القول إنّ تشابه الموضوعات لا يجسّد بالضرورة تشابهاً في النص، لأنّ النص له رؤيته وأداته اللتان تميّزانه، فالقدس لا تتعدى عند الشاعر  بعض الشعراء  أنْ تكون لغة الجرح، ولا يسعى الشاعر إلى جعلها أكثر من طرف في علاقة حب غامضة:
ويبدو لي أنّ مثل هذا الحب الغامض صادر عن عشاق مستسلمين لغواية الحب الساذج الذي لا يستند إلى تمييز محسوس بين القدس وغيرها، فالأبيات التالية للشاعر عبد الناصر محمود النادي تصلح تماماً لأي مدينة عربية، تحتوي مسجداً شهيراً:
لا القدس أنساها ولا  تنساني
ملأت فؤادي من مفاتـنهـا التي
قيثارة العربان مسجـدهـا الذي

أغــصانـها فـي الـقـلب والأبدان
ستظل طـول العـمر في    الوجدان
سيعـيش دومًا في دمــي ولسـاني
وعلى الرغم من أنّ هذا النص ينتمي للكلاسيكية، فإنّ المرء لا يستطيع أن يتهم الكلاسيكية بالتقصير لأن بعضاً من النصوص التي تنضوي تحت لوائها نجح في إعطاء لغة الشعر خصوصية مكانية، إضافةً إلى تميّزها البنائي والإيقاعي، ويمكن هنا أنْ نشير إلى القصيدة التي نظّمها الشاعر شوقي محمود أبو ناجي في ذكرى إحراق المسجد الأقصى على يد العصابات الصهيونية في 21 آب 1969م، والتي يقول فيها:
وطـني فلسـطين.. وحـب ترابهـا
والقدس.. صوت القدس بين جوانحي
أو ليس مسرى المصـفى؟ أحجاره
والأنـبياء يضيء هـمس دعـائهم
وتراب غـزة.. حضنـه كم ضمني

لـم تـخبُ جـذوته لدى إبـعادي
شـجن يقطع في نـياط فـؤادي
أصغت إلى نجوى الحبـيب الهادي
خلف الرسول عـلى مدى الآبـاد
وتخذت مـنه حصيرتي ووسـادي
وقد رصد بعض الشعراء العرب خصوصية المكان في حديثهم عن القدس، من خلال التركيز على المكانة الدينية لهذه المدينة عبر ذكر الأماكن المقدسة الموجودة فيها، أو عبر الحديث عن معجزتيْ الإسراء والمعراج، وعن القدس بوصفها المدينة التي تجمع الأديان إلى بعضها، فهذا إبراهيم صالح يتحدّث عن ليلة الإسراء والمعراج دون أنْ ينسى الإشارة إلى واقع القدس الحالي:
إيـه يـا لـيـلـة تـغـنّى بـهـا الدهــ
فــيـك كـان الإسـراء كـانـت صـلاة
ضاء في نورها حمى المسجد الأقـ
ومـضى طائـر الـسـلام مـن الــقــد
انظري القـدس من أبــاح  حــمـاهــا
دنستها عـصابة مـن بـني صـهـيـون

ـر وغـنّـى لـنـفـحها الـقـدسـيِّ
الرسل جمعاً خلف الرسول النبيِّ
ــصى  ولـفـتـه فـي أريـج زكـيِّ
س يــغنـي في كــل واد قـصـيِّ
لـمطـايـا بغــي وعهـر بغـيِّ
تـاهــت عـلـى سراهـا الشـقيِّ
فإذا خرج المرء من التغزّل بالقدس وحبّها ووصف مظاهر قدسيتها إلى المواقف التي أبرزها الشعراء من القدس ومسؤولية العرب عن ضياعها، وعن تحريرها أيضاً، يجد أنّ هناك عدداً من المواقف التي تجسّد رؤى الشعراء لقضية الصراع العربي-"الإسرائيلي"، فمن الشعراء من رفع مقولة "تأثيم الذات" شعاراً له، ومن هؤلاء تمكن الإشارة إلى الشاعر حسن البحيري الذي يدعو بالويل والثبور للأمة العربية والإسلامية، فالجميع لا يسمعون صرخة بيت المقدس ولا يجيبون:
ويلٌ لنا أنـرى الـعدا تـنهى وتأمـر بالحـرم
وبه ابن عبد الله صلى والمسـيح لـه ارتسم
ونرى مقـاليد القيـامة في يــد الطـاغي تـزم
وبها أبو حفص كركـن البيت طوّف واسـتـلـم؟
كما استطاع بعض الأدباء أنْ يستشعر الخطر الداهم الذي يتهدّد القدس، قبل سقوطها في يد النازيين الجدد، ولا بدّ هنا من الإشارة إلى القصيدة النبوءة التي حملت عنوان "نجم السعود"، والتي ألقاها الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود بين يدي الأمير سعود بن عبد العزيز، أثناء زيارته لفلسطين، عام 1935:
نجم السعود وفي جبينك مطلعهْ    أنى توجّه ركبُ عـزّك يـتبـعـهْ
المسجد الأقصى أجئتَ تـزوره؟     أم جئت من قبـل الفـراق تودّعه؟
         وقد حمل بعض الشعراء الجرأة وتوجّهوا بسهام نقدهم إلى فرسان الكلام الذين يعقِدون الاجتماعات، ولا يخرجون بغير القرارات التي لا تعرف طريقها إلى التنفيذ، يقول أبو سلمى:
أيّها الحـاكـمون باسـم بلادي         ما الذي تغزلون خلف الستارِ
قـمــمٌ ؟ أي قـمة وفلسـطيـ              ـن وراء الـدموع والأسوارِ
أصبحت هذه العواصم بعد الـ           ـقدس ركناً في متحف الآثار
قرروا الزحف للجـهاد إذا هـم          أخذوا يـزحفون خلـف قرار
وقد راح الشعراء يدعون إلى رصّ الصف العربي من أجل القدس، وقد وردت الدعوة إلى الوحدة على لسان أكثر من شاعر، لذلك ليس غريباً أنْ نرى الشاعر هارون هاشم رشيد يدعو إلى ذلك قائلاً:
لأجل القدس
لو نكسر هذا الخوف
لو نضرب لأجل القدس
لو نزحف نحو الثأر
لو نغضب لأجل القدس
لو تُجمعُ كِلْمتنا
على وحده
ويعطي كل عربي لها..
بعضَ الذي عنده
وينسى كل شيءٍ
غير يوم الهول والشدّه
لو أنا نلتقي
وأقولها..
مشبوبة الحدّه
لتحلو في رحاب المسجد الأقصى
لنا السجدة..
/ / / / / / / /
القدس .. وشعر التفعيلة
ولا يعني كلّ ما تقدّم أنّ التشاؤم وحده كان سيّد الموقف الشعري، بل كان هناك تفاؤلٌ في كثيرٍ من النصوص حملت بشرى العودة إلى القدس، وقد أفرزت الانتفاضتان الكبريان في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني الحديث تفاؤلاً يمتلك عدته الموضوعية، فهذا الشاعر محمد الطوبي يرى أنّ المستقبل للطفل الذي زفّ فلسطين على توقيت فلسطين إذْ ضبط إيقاع الشارع العربي، وها هو ذا يهتف من المغرب:
طفل يولد يستشهد يولد من أرق الحرمان..
طفل زف فلسطين على توقيت فلسطين
أمام جنود وبنادق تحرس ليل القهر..
طفل يرشق بالمقلاع الطاغوت النازيَّ
الملفوف الواقف تحت مظلة أمريكا،
طفل يخرج من وجع القدس رشيقاً يمشي في درب الثورة..
ليؤسس مملكة الريحان..
وعلى الرغم من أنّ الشعر الذي تناول هذه المدينة المقدسة، في الأغلب الأعمّ، متشابهٌ من حيث المضمون، بسبب تكرار الظروف المأساوية، فإنّ جزءاً من شعر الحداثة، وجزءاً أقل من الشعر الكلاسيكي حاول أنْ يرقى إلى خصوصية تجسّدت في إقامة علاقات روحية بين الشاعر والمدينة، ويمكن في هذا المجال الإشارة إلى الشاعرة هالة صبحي إسماعيل التي تقول:
أموت على رصيف العمر
بحثاً.. عن ثرى وطني
فلا جوع.. يؤرقني
ولا شمس.. تحرقني
أنا القدس
وإخواني.. هم العرب
وأشلائي ممزقة
وأبنائي لهم رب
أنا القدس
وجرحي.. غارق في الملح
من منكم
يداويني؟
لقد كانت قصيدة التفعيلة، أقدر على الدخول في تفاصيل الحب القدسي، سواءً كان ذلك من خلال الحديث عن جماليات المدينة المقدسة أو عن العلاقة السُّرية بين الشاعر والمدينة المقدسة، يقول نزار قباني مصوراً ذلك الحبّ:
يا قُدس.. يا مدينتي
يا  قدس.. يا حبيبتي
غدًا.. غدًا سيزهرُ الليمون
وتفرح السنابل الخضراء والزيتون
وتضحك العيون
وترجع الحمائمُ المُهاجرة
إلى السقوف الطاهرة..
ويرجع الأطفالُ يلعبون
ويلتقي الآباءُ والبنون
على رباك الزاهرة
وقد قدّم لنا الشاعر سميح القاسم حواراً طريفاً بينه وبين فيروز في قصيدة حملت عنوان : زنابق لمزهرية فيروز :
من أين يا صديقة
حملتِ المزهرية
والنظرة الشقية؟
من القدس العتيقة.
-
ومن ترى رأيت
في عتمة القناطر
من شعبنا المهاجر
ومن ترى سمعتِ؟
رأيتُ بنتَ عمّكْ
في طاقة حزينهْ
تبوح للمدينهْ
بهمها وهمّكْ   
رأيت في المداخنْ
عصفورة جريحهْ
وطفلة كسيحهْ
تبكي على المآذنْ
 ولنا هنا أنّ نشير إلى الشاعر عبد القادر الحصني الذي يسعى إلى إقامة علاقة بين المكان والإنسان، فيجعل القدس في واحدة من قصائده الشهيرة أغنية الشاعر والشهيد:
سيحضر متشحاً بالجبال، ومؤتزراً بالسماء،
ويحضر بين يديه الجدودُ
فما جاء إلا ليشهد هذا الشهيدُ
سلام عليه
سلام على الزعفران المندّى على شفتيه
على القدس تهرق نور الألوهة في شفتيه
على قبة الصخرة المستريحة في راحتيه
وفي شعر عبد الكريم عبد الرحيم تبدو القدس مجموعة من الجزئيات التي تجسّد أفعال الحب والنضال والحلول بين الشاعر والمكان، هذا الحلول الذي يجعل مريم العذراء النقية الطاهرة تسهم في غسل الدنس الذي علق بها، فهي هنا عديلة الأرض، لذلك فهي "تعد الحجارة للقادمين" نحو الصباح:
لباب العمود
تعود دمشق
ومريم تحمل حزن المآذنْ
وتسقي القوافل بعض السلامْ
وتسقي الكلام خلاصة آيتها الساحرهْ
وتسأل أطفالها القاعدين
بباب القصائدْ ‏‏‏
نبيّاً يعود إلى الناصرهْ
/ / / / / / / /

الخــاتمة
من كل ما سبق  نرى أنّ الشعراء العرب اختلفوا أداةً ورؤيةً في رصد صورة القدس، غير أنّ هذا الاختلاف في التناول يقابله اتفاق في النية وفي العمل على إعادة البسمة إلى وجه تلك المدينة التي تعرّضت على مدى التاريخ لمحاولات الدمار، وما زال الأمل بالعودة يحدو الشعب العربي على امتداد مساحة الوطن الكبير، وانتفاضة الأقصى الشريف التي ما زلنا نعيش فصول بطولاتها ما تزال شاهدة على بسالة أهلها، وعلى خيارهم الوحيد :

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button