عبارة ترددت في آذاننا عندما كنا على مقاعد الدراسة ، وكان آباؤنا
يُكررونها كثيرا علينا وخاصة في فترات الامتحان ، فمن جد وجد ومن سار على
الدرب وصل ، فالاجتهاد والمُثابرة في مفهوم ناصحينا أن نهايته ستكون سعيدة ،
فالطالب عندما يتعب طوال السنة في دراسته ويركز في مراحله التعليمية ، يجد
في النهاية العلامة التي تُرضيه ، إلا تلك الحالات النادرة التي تأتي
الرياح بما لا تشتهي السفن ، أو سـوء الحظ ، كاللاعب الذي قام بكل شيء
لينفرد بالمرمى الخالي لكنه يُطيح بالكرة خارجه غير مصدقا كيف ذهبت بعيدا
بالرغم من أنه ضمن الهدف ، المهم أن بعد الاجتهاد هناك نصيب لك ، فعليك
بالزرع جيدا والاهتمام به والصبر عليه ، فما زرعت يحتاج إلى وقت لكي تحصده ،
فاسكب الماء جيدا وانتبه لزرعك ، فمهما طال الوقت فهناك وقت للحصاد ، وأكل
الثمار التي هي من عرق جبينك .
في أغلب المؤسسات والشركات الخاصة تكون لديهم مرحلة كل ست أشهر ، وتسمى
هذه المرحلة بمرحلة التقييم وقياس الأداء ، حيث يتم من خلالها تقييم
الموظفين وتحديد المتميز منهم والجيد والمقبول ، لأنه في حالة غياب التقييم
فلن نستطيع التفريق بين موظف وآخر ، ولما وضع الشخص المناسب في مكان
المناسب، أو أن لا يتم إنصاف المجتهدين والمجدين في أداء أعمالهم على أكمل
وجه ، وهذه المرحلة لدى الأغلبية مهمة جدا ، فإما يحصل على ما يستحق من وجه
نظره وإما أن تحدث زوبعة من أجل محاولة التغيير وزيادة الدرجات لأنه يرى
أنه يستحق أكثر من ذلك ، بل لا اخفيكم أن يصل الأمر لتقديم الشكاوي وانتشار
الحقد والكراهية بين الموظفين ، ولكن بالنسبة لي هي مرحلة تقييم تتبعها
مراحل آخرى ، فمرحلة مرت وانقضت وعليك العمل من أجل المرحلة القادمة .
عندما نحاول ربط عبارتنا المذكورة في الفقرة الأولى مع مرحلة التقييم ،
يجب أن نقول أن الموظف هو من يحدد نصيبه من التقييم ، وليس المدراء ، فظلام
الظلم إن حل عليكم فاعلم أن هناك يوم يأتي بنور الإنصاف ، ولكن مشكلتنا هي
عدم معرفة الموظف ببيئة العمل معرفة كاملة ، فهناك من يظن أن جلوسه في
مكتبه حتى انتهاء العمل يعني أنه قام بمهامه الوظيفية على أكمل وجه ،
فينصدم بالتقييم بعلامات مُتدنية ، مما يؤثر سلبا عليه في إلتزامه
وإنتاجيته ، وهناك نقف قليلا لنوضح نقاط مهمة قبل أن نستمر في الحديث ،
ونسأل كل موظف مجموعة أسئلة :
- لماذا تعمل ؟
- ما هي أهدافك ؟
- ما هي مهامك الوظيفية ؟
- ما هي طموحاتك ؟
- ما هي إنجازاتك ؟
عليك العمل من أجل وطنك وليس من أجل المال أو من أجل المدير ، فعندما
تعمل وتجتهد حتى ترد جميل وطنك الغالي ، فليس هناك داعي للسلبية في حالة
عدم إنصافك ، بل عليك أن تزداد قوة وحماس ، وتقف على قدميك وتُثبت لهم أنك
تستحق أكثر مما أعطيت ، أما الإهمال والتقصير في العمل ، لن يأتي إلا بشي
واحد وهو أنك موظف مُهمل وستكون هذه الصورة موجودة لدى كل مدير ، وهذا ما
يحدث لدى بعض الموظفين عندما لا يجدون الإنصاف ، يستخدمون أسلوب الأطفال
كما أسميه ، حيث يُهمل في عمله وينشغل بأمور أخرى والسبب عدم الانصاف ،
بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون لك أهداف وطموحات وإنجازات فأغلب الموظفين
حتى اليوم أكملوا سنوات في عملهم ، ولكن ليس لديهم أهداف يحققونها ولا
ملفات إنجاز توثق مسيرتهم المشرقة ، فالسؤال المعتاد في عالم الاعمال ، أين
إنجازاتك ؟ ، واختم كلامي هنا ، هل تصدقون أن عددا كبيرا من الموظفين لا
يعرفون مهامهم الوظيفية ؟
أخيرا يجب أن نضع خطة واضحة حتى نحقق المعادلة الصحيحة بين ” لكل مجتهد
نصيب “وبين ” مرحلة التقييم ، فالمسألة ليست صعبة كما يظنها البعض ، إما أن
تلتزم بعملك أو تتركه ، واعلم أنه لا يحق لك الصراخ والمُطالبة بالكثير
وأنت لا تستحق إلا القليل ، يجب وضع هذه المعادلة أمامك عندما تبدأ عملك
وهي :
- إذا حققت المتوقع منك فأنت تستحق إما جيد وإما جيد جدا ، لأن التقييم يعتمد على أمور كثيرة .
- إذا حققت ما يفوق التوقعات فأنت تستحق إما جيد جدا وإما امتياز والتقييم يعتمد على أمور كثيرة .
حاسب نفسك وضعها في هذا المقياس ، هل تخطيت التوقعات أم أنك حققت ما هو
مطلوب منك ، ولا تنسى أن يكون كل ذلك موثق إما على الحاسب أو على الأوراق ،
فالأدلة أبلغ وسيلة للحجة ، فإن لم تملك شيئا فلتلزم الصمت ، أو عالج
تقصيرك وأعد ترتيب أوراقك ، وارسم لنفسك طريقا مستقيما تسير عليه ، وعلم
نفسك قاعدة مهمة في حياتك ” أن تكون واثقا من نفسك فيما تطلب ، وعندما
تتحدث ” ، فهناك قليل من يستطيع أن يتحدث بثقة تامة ، واذكر لكم في مرة من
المرات كأن أحدهم يشتكي من عدم تقديره ، وطرحت عليه سؤال ” هل لديك الثقة
في أن تتحدث أمام مُديرك وتُقنعه أنك تستحق أكثر مما حصلت عليه ؟ ” فتلعثم
في الكلام ولم يستطع الإجابة على سؤالي ، ماذا عنك ؟ أنت من تحدد ما تستحقه
بالطرق الصحيحة ، أملك ملفك الآن وتحدث بثقة وانطلق للأمام ، وتذكر أيضا
أنك لن تكون وحيدا بل ستكون هناك منافسة من زملائهم ، والتقدم للأمام
يحتاج إلى المجتهدين والمثابرين لا إلى الكُسالى والمُهملين ، ولكل مجتهد
نصيب .