المفعول معه
تعريفه :
اسم فضلة يذكر بعد " واو "
بمعنى " مع " للدلالة على ما فعل الفعل بمصاحبته ، وغالبا ما يكون بعد
فعل ، أو شبهه .
نحو : سهرت والقمر . وسرت وسور
المدرسة .
واستيقظ النائم وآذان الفجر .
فكل من " القمر ، والمدرسة ، وآذان
" قد وقع مفعولا معه بعد واو تعرف بواو مع ، أو واو المصاحبة ، ولا يمكن أن
تكون تلك الأسماء معطوفة ، لأن الأفعال التي سبقتها لم تقع من متعدد ، بمعنى أن
الفعل الذي وقع قبل الواو لا يمكن أن يقع على ما بعد الواو ، فالفعل سهر حدث من
المتكلم ، ولكنه لا يمكن أن يحدث من القمر ، لأن القمر لا يسهر ، وقس بقية الأسماء
الأخرى .
75 ـ ومنه قوله تعالى : { والذين
تبوءوا الدارَ والإيمانَ }1 .
36 ـ ومنه قول الشاعر
إذا أنت لم تترك أخاك وزلة إذا زلها أوشكتما أن تفرقا
ومما سبق نلاحظ أن المفعول معه لا بد
أن تتوفر فيه الشروط التالية وهي :
1 ـ أن يكون اسما لا فعلا ولا حرفا .
2 ـ أن يكون فضلة سبق تحديدها .
3 ـ أن يقع هذا الاسم بعد واو بمعنى
" مع " .
4 ـ أن يتقدم الواو والاسم الذي
يليها فعل ، أو ما يشبه الفعل مما يعمل عمله ، كالصفات المشتقة ( اسم الفاعل ،
والمفعول ، والتفضيل … إلخ ) .
5 ـ ألا يصح عطف الاسم المذكور على
ما قبله ، فالعطف يؤدي إلى اختلال المعنى
ــــــــــ
1 ـ 9 الحشر .
وفساده ، كما أوضحنا سابقا ، لأنه لا
يصح حدوت الفعل من متعدد ، فالمشاركة معدومة .
العامل في المفعول معه :
الأصل في عامل المفعول معه أن يكون فعلا
كما في الأمثلة السابقة .
ونحو : استوى الماء والخشبة ، ومشيت
وشاطئ البحر .
76 ـ ومنه قوله تعالى : { فأجمعوا
أمركم وشركاءكم }1 .
37 ـ ومنه قول الشاعر :
إذا أعجبتك الدهرَ حالُ من امرئ فدعه وواكل أمره واللياليا
فائدة :
عدم تقديم المفعول معه على مصاحبه ، وإن كان بعض النحاة
قد جوزا ذلك ، فلا يصح القول : جلس وضوءَ القمر محمدٌ ، أو سار والطريقَ أحمدُ .
ويعمل فيه ما يشبه الفعل ، وذلك على
النحو التالي :
1 ـ اسم الفاعل : نحو : أنا سائر
والنيل . هو قادم والليل .
2 ـ اسم المفعول : نحو : وجد مصابا
في حادث وطلوع الشمس .
3 ـ مشيك وسور الحديقة مفيد لصحتك .
4 ـ ويعمل فيه فعل مقدر بعد "
ما " ، " وكيف " الاستفهاميتين . فيما سمع عن العرب قولهم : ما أنت
وعليّا ؟
وكيف أنت وقصعة من ثريد ؟
فالعامل في المثالين السابقين فعل
الكون المقدر ، والتقدير : ما تكون وعليا ، وكيف تكون وقصعة من ثريد ؟
ـــــــــــــ
1 ـ 71 يونس .
أحكام إعراب الاسم الواقع بعد الواو
:
1 ـ وجوب النصب على المعية ، إذا لم
يقع الفعل من متعدد ، ولم تتم المشاركة ، ولزم من العطف فساد المعنى .
نحو : جلست والقمر . ونمت والفجر .
كما يجب النصب على المعية بسبب
صفات لفظية في العطف ، وذلك إذا وقع الاسم بعد ضمير رفع متصل ، أو مستتر ، لأن
الاسم الظاهر لا يعطف على الضمير إلا إذا أكدناه بضمير منفصل .
فإذا قلت : حضرت ومحمدا ، ووصل وزيدا
.
أعرب الاسم مفعولا معه ، وكان واجب
النصب .
أما إذا قلت : حضرت أنا ومحمد ، أو
سافر أنت وعليّ .
أعرب الاسم معطوفا على ما قبله ويكون
مرفوعا .
وكذلك يجب النصب بعد الواو إذا سبقها
ضمير متصل في محل جر .
نحو : حضرت به ومحمدا .
لأنه لا يصح عطف الاسم الظاهر على
الضمير المجرور إلا إذا كررنا حرف الجر . نحو : حضرت به وبمحمدٍ .
2 ـ وجوب العطف ، وامتناع النصب على
المعية ، وذلك إذا وقع الفعل من متعدد وتمت المشاركة ، وتعينت الواو للعطف .
نحو : سافر محمد وأحمد ، وجاء عليّ
وإبراهيم .
في المثالين السابقين وجب عطف الاسم
الثاني على الأول ، لأن الفعل يدل على المشاركة ، والوقوع من متعدد ، حيث أن السفر
وقع من محمد ، ومن أحمد أيضا .
3 ـ ترجح النصب على المفعول معه على
العطف ، مع جواز الأمرين ، نحو : سافرت وعليا . وجئت ومحمدا .
فـ " عليا " و "
محمدا " كل منهما نصب على أنه مفعول معه ، وهو الأرجح ، لأن العطف على الضمير
المتصل ، أو المستتر لا يستحسنه النحاة إلا إذا تم الفصل بينه وبين الواو بضمير
بارز منفصل الغرض منه التوكيد .
نحو : سافرت أنا وعليّ .
4 ـ يجب النصب على المفعول معه ، كما
يجب النصب على المفعول به.
نحو : أطعمته خبزا ولبنا . ومنه
قولهم : علفتها تبنا وماء .
فلبنا : مفعول معه منصوب على المعية
، لأنه لا يصح أن يكون أطعم خبزا ، وأطعم لبنا ، فالخبز يؤكل ، واللبن يشرب ،
فالفعل لا يفيد المشاركة .
ولبنا : مفعول به منصوب ، بفعل محذوف
، والتقدير : وسقيته لبنا ، فتعين أن تكون الواو للعطف ، ولكن ليس عطف كلمات ،
وإنما عطف جمل ، فعطف جملة وسقيته لبنا على جملة أطعمته خبزا .
38 ـ ومنه قول الراعي النميري :
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
الشاهد : وزججن الحواجب والعيونا .
فالعيونا : مفعول معه منصوب ، لأن التزجيج لا يكون إلا للحواجب فقط ، وتأتي "
العيونا " مفعولا به لفعل محذوف ، والتقدير :
وكحلن العيونا ، وجملة كحلنا معطوفة
على الجملة التي قبلها .
5 ـ رجحان العطف على النصب على
المعية ، مع جواز الأمرين .
نحو : تحركت الفرقة والقائد . ووقف
الفريقان والحكم .
في المثالين السابقين يرجح العطف ،
فالقائد معطوف على الفرقة لدلالة الفعل تحرك على التعدد والمشاركة ، والاسمان
صريحان كل منهما قابل للعطف على الآخر ، ومثلهما الفريقان والحكم كل منهما قابل
للتعاطف لدلالة الفعل على المشاركة . أما النصب على المعية فعلى معنى تحركت الفرقة
بمصاحبة القائد ، ووقف الفريقان بمصاحبة الحكم .
ـــــــــ
1 ـ 71 يونس .
نماذج من الإعراب
75 ـ قال تعالى : { والذين تبوءوا
الدارَ والإيمانَ من قبلهم يحبون } .
والذين : الواو واو الاستئناف ، ويصح أن تكون
للعطف ، والذين اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ على الوجه الأول ،
وخبره جملة يحبون ، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب ، أو في محل جر عطف على
الفقراء في أو الآية على الوجه الثاني .
تبوءوا : فعل ماض مبني على الضم ،
وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
الدار : مفعول به منصوب .
والإيمان : في إعرابها وجوه أهمها :
1 ـ أن تكون مفعول به لفعل محذوف ،
تقديره وأخلصوا الإيمان ، والواو عاطفة من باب عطف الجمل على الجمل ، وذلك على حد
قولهم : " علفتها تبنا وماءً باردا " .
2 ـ وقيل هو على حذف مضاف ، والمعنى
دار الهجرة ودار الإيمان ، فأقام " أل " التعريف في مقام المضاف إليه ،
وحذف المضاف من دار الأيمان ، ووضع المضاف إليه مقامه ، والعطف عطف مفردات .
3 ـ أو منصوب بتبوءوا بعد تضمينه
معنى لزموا ، كأنه قال : لزموا الدار ولزموا الإيمان ، والعطف عطف الجمل .
4 ـ وقيل أن الإيمان معطوف على الدار
عطف مفردات دون تأويل الإضافة ، أو الفعل المحذوف كما بينا في الوجهين السابقين ،
على أن يكون التجوز واقعا في الإيمان على طريق الاستعارة .
5 ـ وقد تكون الواو للمصاحبة ،
والإيمان منصوب على المعية بالفعل تبوءوا ، فيكون هذا الوجه الشاهد الذي سقنا
الآية من أجله ، والمعنى تبوءوا الدار مع الإيمان ، لأن الفعل تبوءوا لم يقع من
متعدد ، ولم تفد الواو العطف . والله أعلم .
من قبلهم : جار ومجرور متعلقان
بمحذوف في محل نصب حال ، والضمير المتصل بقبل في محل جر مضاف إليه .
يحبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
، والواو في محل رفع فاعل ، والجملة في محل رفع خبر الذين كما ذكرنا سابقا .
76 ـ قال تعالى : { فأجمعوا أمركم
وشركاءكم }1 .
فأجمعوا : الفاء الفصيحة ، وأجمعوا فعل أمر مبني
على حذف النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
أمركم : مفعول به منصوب ، وأمر مضاف
، والكاف ضمير المخاطب في محل جر مضاف إليه ، والميم علامة الجمع .
وشركاءكم : الواو للمعية ، وشركاء
مفعول معه منصوب بالفتحة ، وهو مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
36 ـ قال الشاعر :
إذا أنت لم تترك أخاك وزلة إذا زلها أوشكتما أن تفرقا
إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان
متضمن معنى الشرط منصوب بجوابه خافض لفعله .
أنت ضمير منفصل مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ .
لم تترك : لم حرف نفي وجزم وقلب ،
وتترك فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره :
أنت .
والجملة الفعلية في محل رفع خبر .
وجملة أنت وما في حيزها في محل جر
بإضافة إذا إليها .
أخاك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الألف .
وزلة : الواو للمعية ، وزلة مفعول
معه منصوب بالفتحة الظاهرة .
إذا زلها : ظرفية شرطية ، وزلها فعل
ماض ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو
، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة إذا إليها .
أوشكتما : أوشك فعل ماض ناقص من
أفعال الشروع مبني على السكون ، والتاء ضمير متصل في محل رفع اسمه .
أن تفرقا : أن حرف مصدري ونصب ،
تفرقا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الستة ، وأصله
تتفرقان ، وألف الاثنين في محل رفع فاعله . والجملة في محل نصب خبر أوشك .
وجملة أوشكتما لا محل لها من الإعراب
جواب شرط غير جازم .
37 ـ ومنه قول الشاعر :
إذا أعجبتك الدهرَ حالُ من امرئ فدعه وواكل أمره واللياليا
إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى
الشرط منصوب بجوابه خافض لفعله .
أعجبتك : أعجب فعل ماض مبني على
الفتح ، والتاء للتأنيث ، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به .
والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها
.
الدهر : مفعول به ثان باعتبار الفعل
أعجب يتعدى بنفسه لمفعولين ، أو يتعدى للثاني بحرف الجر المحذوف ، ويصح أن يكون
منصوبا على نزع الخافض ، والتقدير : أعجبتك من الدهر حال .
حال : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة .
من امرئ : جار ومجرور متعلقان
باعجبتك ، ويجوز أن يكون في محل نصب حال من الفاعل .
فدعه : الفاء واقعة في جواب الشرط ،
ودعه فعل أمر مبني على السكون ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به ، والفاعل
ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت .
والجملة لا محل لها من الإعراب جواب
شرط غير جازم .
وواكل : والواو حرف عطف ، وواكل فعل
أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت ، والجملة معطوفة
على جملة دعه .
أمره : مفعول به منصوب ، وأمر مضاف ،
والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
واللياليا : الواو للمعية ، والليالي
مفعول معه منصوب بالفتحة الظاهرة ، والألف للإطلاق .
38 ـ ومنه قول الشاعر :
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
إذا : ظرف زمان مبني على السكون في
محل نصب بجوابه ، متضمن معنى الشرط .
ما الغانيات : ما زائدة لا عمل لها ،
والغانيات فاعل لفعل محذوف يفسر ما بعده .
وجملة الفعل المحذوف مع فاعله في محل
جر بإضافة إذا إليها .
برزن : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنون النسوة ، والنون ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل ، والجملة
لا محل لها من الإعراب مفسرة .
يوما : ظرف زمان منصوب بالفتحة
الظاهرة .
وزججن : الواو حرف عطف ، وزجج فعل
ماض ، والنون للنسوة في محل رفع فاعل ، والجملة معطوفة على ما قبلها .
الحواجب : مفعول به منصوب بالفتحة .
والعيونا : الواو يصح ان تكون للمعية
، والعيونا مفعول معه منصوب ، ويصح أن تكون الواو عاطفة ، والعيونا مفعول به لفعل
محذوف تقديره : كحلن ، ويكون العطف لجملة على أخرى .
الشاهد : وزججن الحواجب والعيونا .
فالعيونا : مفعول معه منصوب ، لأن التزجيج لا يكون إلا للحواجب فقط ، وتأتي "
العيونا " مفعولا به لفعل محذوف ، والتقدير : وكحلن العيونا ، وجملة كحلنا
معطوفة على الجملة التي قبلها .