جو القصيدة :
أصيب الشاعر بمرض السل الرئوي وتفاقم عليه المرض ، فتوجه إلى لندن للعلاج ، وقد نظم هذه الأبيات وهو على سرير
المستشفى هناك ، يشكر فيها الباري على نِعمه التي لا تحصى .
وقد اعتاد رواد الشعر الحديث استخدام الرموز ، والقصص الدينية في شعرهم ، والشاعر بدر يستخدم قصة أيوب عليه
السلام لما عاناه من مرض وصبر ، وامتحان وبلاء ، وكأن الشاعر يعاني ما عاناه أيوب عليه السلام مع الرضا بما أصابه
ويصور ما ابتلي به من مرض ، وغربة في لندن ويحن الى بلدته ) جيكور ( .
لك الحمد مهما استطال البلا ء
ومهما استبدَّ الأل م ،
لك الحمد ، إن الرزايا عطاء
وإن المصيبات بعضُ الكَرَ م .
- استطال : طال وامتد .. - استبدّ : طغى وظلم وتجبّر .. – الرزايا : مفردها : رزية وهي المصيبة العظيمة .
يشكر الشاعر الله ويحمده مهما امتد البلاء وطال ؛ فالله تعالى هو الذي يحمد على السراء والضراء ؛ لأن المؤمن يرى
المصائب امتحاناً وابتلاءً من الله تعالى ..
ألم تُعطني أنت هذا الظلا م ؟
وأعطيتني أنت هذا السَّحَ ر ؟
فهل تشكر الأرضُ قَط رَ المطر ؟
وتغضبُ إن لم يَُ دها الغمام ؟
- السحر : الوقت ما قبل طلوع الفجر . قطر المطر : حبات المطر . الغمام : الغيوم والسحب .
يسائل الشاعر ربه ويحاوره باستخدام الأسلوب الإنشائي ) أسلوب الاستفهام الذي يفيد التقرير ( ، فيسأل الشاعر بره
س ا ؤل العا رف المقرّ بنعمه ، الصابر على بلائه ، أليس م رضي بإ ا ردتك ؟ ا ولج ا وب : بلى . إذ اً فهو نعمة كب ية وهدية ثمينة
تمام اً ، كما كانت الصحة ا ولق وة التي منحتني إياها في شبابي وقبل ابتلائي قبل الم رض .
دولة الإمارات العربية المتحدة
معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني
المدرسة الثانوية الفنية – أبو ظبي
2
ثم يتساءل الشاعر هل تشكر الأرض قطرات المطر التي تسقط من الغيوم ؟ وهل تغضب حين لا تجد الغيوم التي تسقط
الأمطار ؟ إذا كانت الأ رض ت رضى بقدر الله ، فالأح رى بالإنسان أن يك ون حامد اً ش اك ا رً في اليسر ا ولعسر ، وفي الصحة
ا ولم رض ، وفي جميع الأحوال . وهذان البيتان يدلان على التأمل أو ما يعرف بالشعر التأملي .
شهورٌ طوالٌ وهذي الجرا ح
تمزِّق جَنبيَّ مثلَ المُدى
ولا يهدأ الداءُ عند الصباح
ولا يمسح اللَّيلُ أوجاعه بالردى .
- شهورٌ طوالٌ : مدة المرض مدة طويلة . المٌدى : مفردها مُدية : وهي السكين . الردى : الموت .
يقول الشاعر : إنّ المرض يلازمه لشهور طويلة ، ويشعر بألم المرض كالسكين التي تقطع أعضاء جسمه ، فنرى هنا شدة
الألم الذي ألمّ بالشاعر . فالزمن والمرض يطولان ، والألم والوجع يزدادان ، والمرض لا يهدأ مع ظهور الصباح ، فالصباح
عند الشاعر أمل للتجدد ولكنه يتزامن مع المرض ، وأمّ ا الليل فلا يزيل أوجاعه بالموت .
ولكنَّ أيُّوبَ إن صاحَ صا ح :
" لك الحمدُ ، إن الرزايا ندى
وإن الجراحَ هدايا الحبي ب
أضمُّ إلى الصَّدر باقاتِا !"
هداياكَ في خافقي لا تغيب
هداياك مقبولةٌ . هاتِا ! "
وأهتف بالعائدي ن :
" ألا فانظروا واحسدوني ، فهذي هدايا حبيبي .
) عندما نرى علامتي تنصيص فالكلام بينهما يكون اقتباس اً - مقتبس من سيدنا أيوب (
- الندى : الك رم ، أو الندى أي قطرات الماء التي نراها في الصباح. باقاتِا : مفردها باقة وهي ضمة من الورود . خافقي
: الخافق هو القلب
الشاعر يحمد الله ويَعل المصائب هينة بل محبوبة عنده ، فهي الندى ، وأما الجراح والمعاناة فهي الهدايا المقدمة من
الحبيب ) أي الله تعالى ( فيضمها إلى صدره ، ويقول هذه المصائب والجراح والآلام مقبولة ، ويأخذها لأنها من الحبيب ،
فهنا نرى الرضا بقضاء الله وقدره وقوه إيمانه وتحمله للمرض والمصائب . ويشد الشاعر جراحه ويقربها منه دلالةً على
استقرارها واستمرارها معه ، ويخاطب ويقول للعائدين ) الذين ي ز و ر ون الم يرض ( : انظروا إليّ واحسدوني ، فهذه الجراح من
الله ، وأنا سعيد بها .
الشاعر في ظ رف يعيش مطلق الإيمان فيه ، ا ولحسد هنا ليس بقصد تغي الحال ، ولكن لتأكيد تمام رضاه بقضاء الله ،
وسعادته به ، فهو في نعمة يحسد عليها . ) إنه شع ور لا يع فره إلا الم يرض الذي ي ا وجه الخطر وهو متمتع بتمام إيمانه ( .
3
وإن مسَّت النارُ حُرَّ الجبين
توهََّّ تُها قُبلةً منكَ مجبولةً من لهيبِ .
جميلٌ هو السُّهدُ أرعى سماكَ
بعينيَّ حتى تغيبَ النجو م
ويلمسَ شبَّاكَ داري سنا ك
- توهََّّ تُها : حسبتها وظننتها . السُّهدُ : السهر والقلق والأرق . سناك : ضوؤك وجمالك .
يقول الشاعر : إنه إذا أصابتني الحمى وارتفعت درجة حرارة جسمي ، فأحس بها كأنها نار على جبيني ، ولكني أتوهم
المرض قبلة على جبيني من الله ، مأخوذة ومطبوعة من لهيب ونار لشده الحرارة .
ويستمتع الشاعر بالأرق والقلق الذي يصيبه من جراء المرض ، فياقب السماء ويرعاها وينظر إليها ويتفكر فيها حتى
ترحل النجوم ويطلع الفجر ويظهر الضوء على شباك غرفته في المستشفى .
جميلٌ هو الليل : أصداء بوم
وأبواقُ سيارةٍ من بعيد
وآهاتُ مرضى ، وأمّ تُعي د
أساطيَ آبائها للولي د .
وغاباتُ ليل السُّهادِ ، الغيو م
تحجِّبُ وَ جهَ السما ء
وتجلوه تحت القمر .
- أصداء بوم : أصداء مفردها : صدى وهو رجع الصوت ، صوت البوم ) رمز الشؤم عند العرب ( .
ليل الشاعر مختلف عن بقية الليالي التي تمر على الناس ، لأن الليل عنده ساكن يمكنه أن يسمع أدق الأصوات كصوت
صدى البوم وأبواق السيارات - حتى وإن كانت بعيدة . كما أنه يسمع آهات المرضى في المستشفى من شدة الألم ،
ويسمع الأم التي تحكي لأبنائها قصص آبائها . ) فهو هنا ما بين السمع الحقيقي ا وستعادة ال ذك يرات ( . أما غابات الليل
القلِق ، والذي يعاني من الأرق فإن الغيوم تخبئ السماء وتضعها تحت القمر - أي وراء القمر –
يوجد هنا اقتباس من سيدنا أيوب .
وإن صاح أيُّوبُ كان الندا ء :
" لك الحمد يا رامياً بالقَدَ ر
ويا كاتباً ، ب عدَ ذاكَ ، الشَّفاء ! "
- يكرر ويكرر الحمد والشكر لله على النعم وينادي يا الله يا موزع الأقدار ويا كاتباً بعد هذا كله الشفاء ، فنرى الثقة
والأمل بالشفاء لا يفارق الشاعر من أول القصيدة إلى آخرها ، والاقتباس من كلام سيدنا أيوب عليه السلام .
أصيب الشاعر بمرض السل الرئوي وتفاقم عليه المرض ، فتوجه إلى لندن للعلاج ، وقد نظم هذه الأبيات وهو على سرير
المستشفى هناك ، يشكر فيها الباري على نِعمه التي لا تحصى .
وقد اعتاد رواد الشعر الحديث استخدام الرموز ، والقصص الدينية في شعرهم ، والشاعر بدر يستخدم قصة أيوب عليه
السلام لما عاناه من مرض وصبر ، وامتحان وبلاء ، وكأن الشاعر يعاني ما عاناه أيوب عليه السلام مع الرضا بما أصابه
ويصور ما ابتلي به من مرض ، وغربة في لندن ويحن الى بلدته ) جيكور ( .
لك الحمد مهما استطال البلا ء
ومهما استبدَّ الأل م ،
لك الحمد ، إن الرزايا عطاء
وإن المصيبات بعضُ الكَرَ م .
- استطال : طال وامتد .. - استبدّ : طغى وظلم وتجبّر .. – الرزايا : مفردها : رزية وهي المصيبة العظيمة .
يشكر الشاعر الله ويحمده مهما امتد البلاء وطال ؛ فالله تعالى هو الذي يحمد على السراء والضراء ؛ لأن المؤمن يرى
المصائب امتحاناً وابتلاءً من الله تعالى ..
ألم تُعطني أنت هذا الظلا م ؟
وأعطيتني أنت هذا السَّحَ ر ؟
فهل تشكر الأرضُ قَط رَ المطر ؟
وتغضبُ إن لم يَُ دها الغمام ؟
- السحر : الوقت ما قبل طلوع الفجر . قطر المطر : حبات المطر . الغمام : الغيوم والسحب .
يسائل الشاعر ربه ويحاوره باستخدام الأسلوب الإنشائي ) أسلوب الاستفهام الذي يفيد التقرير ( ، فيسأل الشاعر بره
س ا ؤل العا رف المقرّ بنعمه ، الصابر على بلائه ، أليس م رضي بإ ا ردتك ؟ ا ولج ا وب : بلى . إذ اً فهو نعمة كب ية وهدية ثمينة
تمام اً ، كما كانت الصحة ا ولق وة التي منحتني إياها في شبابي وقبل ابتلائي قبل الم رض .
دولة الإمارات العربية المتحدة
معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني
المدرسة الثانوية الفنية – أبو ظبي
2
ثم يتساءل الشاعر هل تشكر الأرض قطرات المطر التي تسقط من الغيوم ؟ وهل تغضب حين لا تجد الغيوم التي تسقط
الأمطار ؟ إذا كانت الأ رض ت رضى بقدر الله ، فالأح رى بالإنسان أن يك ون حامد اً ش اك ا رً في اليسر ا ولعسر ، وفي الصحة
ا ولم رض ، وفي جميع الأحوال . وهذان البيتان يدلان على التأمل أو ما يعرف بالشعر التأملي .
شهورٌ طوالٌ وهذي الجرا ح
تمزِّق جَنبيَّ مثلَ المُدى
ولا يهدأ الداءُ عند الصباح
ولا يمسح اللَّيلُ أوجاعه بالردى .
- شهورٌ طوالٌ : مدة المرض مدة طويلة . المٌدى : مفردها مُدية : وهي السكين . الردى : الموت .
يقول الشاعر : إنّ المرض يلازمه لشهور طويلة ، ويشعر بألم المرض كالسكين التي تقطع أعضاء جسمه ، فنرى هنا شدة
الألم الذي ألمّ بالشاعر . فالزمن والمرض يطولان ، والألم والوجع يزدادان ، والمرض لا يهدأ مع ظهور الصباح ، فالصباح
عند الشاعر أمل للتجدد ولكنه يتزامن مع المرض ، وأمّ ا الليل فلا يزيل أوجاعه بالموت .
ولكنَّ أيُّوبَ إن صاحَ صا ح :
" لك الحمدُ ، إن الرزايا ندى
وإن الجراحَ هدايا الحبي ب
أضمُّ إلى الصَّدر باقاتِا !"
هداياكَ في خافقي لا تغيب
هداياك مقبولةٌ . هاتِا ! "
وأهتف بالعائدي ن :
" ألا فانظروا واحسدوني ، فهذي هدايا حبيبي .
) عندما نرى علامتي تنصيص فالكلام بينهما يكون اقتباس اً - مقتبس من سيدنا أيوب (
- الندى : الك رم ، أو الندى أي قطرات الماء التي نراها في الصباح. باقاتِا : مفردها باقة وهي ضمة من الورود . خافقي
: الخافق هو القلب
الشاعر يحمد الله ويَعل المصائب هينة بل محبوبة عنده ، فهي الندى ، وأما الجراح والمعاناة فهي الهدايا المقدمة من
الحبيب ) أي الله تعالى ( فيضمها إلى صدره ، ويقول هذه المصائب والجراح والآلام مقبولة ، ويأخذها لأنها من الحبيب ،
فهنا نرى الرضا بقضاء الله وقدره وقوه إيمانه وتحمله للمرض والمصائب . ويشد الشاعر جراحه ويقربها منه دلالةً على
استقرارها واستمرارها معه ، ويخاطب ويقول للعائدين ) الذين ي ز و ر ون الم يرض ( : انظروا إليّ واحسدوني ، فهذه الجراح من
الله ، وأنا سعيد بها .
الشاعر في ظ رف يعيش مطلق الإيمان فيه ، ا ولحسد هنا ليس بقصد تغي الحال ، ولكن لتأكيد تمام رضاه بقضاء الله ،
وسعادته به ، فهو في نعمة يحسد عليها . ) إنه شع ور لا يع فره إلا الم يرض الذي ي ا وجه الخطر وهو متمتع بتمام إيمانه ( .
3
وإن مسَّت النارُ حُرَّ الجبين
توهََّّ تُها قُبلةً منكَ مجبولةً من لهيبِ .
جميلٌ هو السُّهدُ أرعى سماكَ
بعينيَّ حتى تغيبَ النجو م
ويلمسَ شبَّاكَ داري سنا ك
- توهََّّ تُها : حسبتها وظننتها . السُّهدُ : السهر والقلق والأرق . سناك : ضوؤك وجمالك .
يقول الشاعر : إنه إذا أصابتني الحمى وارتفعت درجة حرارة جسمي ، فأحس بها كأنها نار على جبيني ، ولكني أتوهم
المرض قبلة على جبيني من الله ، مأخوذة ومطبوعة من لهيب ونار لشده الحرارة .
ويستمتع الشاعر بالأرق والقلق الذي يصيبه من جراء المرض ، فياقب السماء ويرعاها وينظر إليها ويتفكر فيها حتى
ترحل النجوم ويطلع الفجر ويظهر الضوء على شباك غرفته في المستشفى .
جميلٌ هو الليل : أصداء بوم
وأبواقُ سيارةٍ من بعيد
وآهاتُ مرضى ، وأمّ تُعي د
أساطيَ آبائها للولي د .
وغاباتُ ليل السُّهادِ ، الغيو م
تحجِّبُ وَ جهَ السما ء
وتجلوه تحت القمر .
- أصداء بوم : أصداء مفردها : صدى وهو رجع الصوت ، صوت البوم ) رمز الشؤم عند العرب ( .
ليل الشاعر مختلف عن بقية الليالي التي تمر على الناس ، لأن الليل عنده ساكن يمكنه أن يسمع أدق الأصوات كصوت
صدى البوم وأبواق السيارات - حتى وإن كانت بعيدة . كما أنه يسمع آهات المرضى في المستشفى من شدة الألم ،
ويسمع الأم التي تحكي لأبنائها قصص آبائها . ) فهو هنا ما بين السمع الحقيقي ا وستعادة ال ذك يرات ( . أما غابات الليل
القلِق ، والذي يعاني من الأرق فإن الغيوم تخبئ السماء وتضعها تحت القمر - أي وراء القمر –
يوجد هنا اقتباس من سيدنا أيوب .
وإن صاح أيُّوبُ كان الندا ء :
" لك الحمد يا رامياً بالقَدَ ر
ويا كاتباً ، ب عدَ ذاكَ ، الشَّفاء ! "
- يكرر ويكرر الحمد والشكر لله على النعم وينادي يا الله يا موزع الأقدار ويا كاتباً بعد هذا كله الشفاء ، فنرى الثقة
والأمل بالشفاء لا يفارق الشاعر من أول القصيدة إلى آخرها ، والاقتباس من كلام سيدنا أيوب عليه السلام .