التخطيط في الإسلام ا
إعداد / الشيخ : السيد طه أحمد
الحمد لله رب العالمين ...أمر بالإعداد والتخطيط والعمل الجاد فقال
تعالي (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:10) .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... له الملك وله الحمد يحي
ويميت وهو علي كل شيء قدير .. عظم شأن التخطيط فربط بينه وبين عمل الآخرة
فقال تعالي (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا
تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ
إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
الْمُفْسِدِينَ)(القصص:77) .
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلي الله
عليه وسلم .. أمر بالتخطيط والأخذ بالأسباب فقال صلي الله عليه وسلم في
الحديث الذي رواه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال : لو أنكم توكلون على الله حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير ،
تغدو خماصا ، وتروح بطانا ) رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه
وابن حبان في " صحيحه " والحاكم ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
أما بعد :ـ فيا أيها المؤمنون
تمهيد :ـ
إن الله تعالي خلق الإنسان لمهمة عظيمة تتمثل في
عبادته سبحانه وتعالي فقال تعالي {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ
إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }[الذاريات: 56]، والعبادة هي تحقيق مراد الله في
تعمير الأرض قياماً بواجب الخلافة. ولذلك ربط الله الإيمان بالعمل في
القرآن الكريم, "وحيثما ذكر الإيمان في القرآن أو ذكر المؤمنون ذكر العمل,
قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }
[الحجرات: 15].
قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }[النور: 55] .
فقد اشترط للاستخلاف
والتمكين أن يكون إيماناً ويكون عملاً واشترط أن يكون العمل صالحا يعني
موافقاً لما شرع الله عز وجل .
واشترط أن يكون العمل وفق تخطيط محكم حتي يؤتي ثماره المرجوة
ولا يكون العمل صالحاّ بلا تخطيط ، لذلك كان حديثنا عن موضوع التخطيط
وأثره في الإسلام يتناول هذه العناصر الآتية :ـ
1ـ مفهوم التخطيط .
2ـ أهمية التخطيط .
3ـ خطوات التخطيط .
4ـ التخطيط في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .
5ـ أثر التخطيط في حياة الفرد والمجتمع .
6ـ خطورة الفوضوية وطرق التخلص منها .
أولا :ــ مفهوم التخطيط :ـ
المعني اللغوي :ـ
يقول ابن منظور : الخط: الطريقة
المستطيلة فى الأرض ... وخط بالقلم : كتب؛ والتخطيط : التسطير؛ والخِطَّة ـ
بكسر الخاء ـ: الأرض والدار يخطها الرجل ... يحتجزها ويبنى فيها.
والخُطَّة ـ
بالضم ـ: شبه القصة والأمر ... وفى حديث الحديبية :" لا يسألونى خُطَّة
يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها "
وفى حديثها أيضاً : " إنه قد عرض عليكم
خطة رشد فاقبلوها " أى امراً واضحاً فى الهدى والاستقامة... وفى رأسه خطة :
أى أمر ما ... وقولهم : خطة نائية أى مقصد بعيد.
المعني الإصطلاحي :ــ
هومنهج إنساني للعمل يستهدف اتخاذ
إجراءات في الحاضر ليجني ثمارها في المستقبل ..
ثانيا :ـ أهمية التخطيط .
إن العمل بدون خطة يصبح ضربًا من العبث وضياع الوقت سدى، إذ تعم الفوضى والارتجالية ويصبح الوصول إلى االهدف بعيد المنال.
*
وتبرز أهمية التخطيط أيضًا في توقعاته للمستقبل وما قد يحمله من مفاجآت
وتقلبات حيث أن الأهداف التي يراد الوصول إليها هي أهداف مستقبلية أي أن
تحقيقها يتم خلال فترة زمنية محددة قد تطول وقد تقصر ، مما يفرض علي
الإنسان عمل الافتراضات اللازمة لما قد يكون عليه هذا المستقبل وتكوين فكرة
عن ما سيكون عليه الوضع عند البدء في تنفيذ الأهداف وخلال مراحل التنفيذ
المختلفة.
ثالثا :ـ خطوات التخطيط .
1 ـ الخطوة الأولي : الرؤية ( ماذا نريد ؟! )
2 ـ الخطوة الثانية : الأهداف .
3ـ الخطوة الثالثة : الوسائل .
4ـ الخطوة الرابعة : الجدول الزمني .
5ـ الخطوة الخامسة : توزيع الأدوار .
6ـ الخطوة السادسة : متابعة الخطة
رابعا :ــ التخطيط في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة :ــ
لقد أمر الله عز وجل بالتخطيط في القرآن الكريم فأمر المؤمنين بإعداد
القوة فقال:{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن
رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ
وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا
تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ
لاَ تُظْلَمُونَ } [الأنفال: 60].
والأمر بإعداد القرة أمر يتضمن الأمر
بالتخطيط لأن إعداد القوة نشاط هادف , ولأنه يحتاج لكثير من المعلومات
بعضها متعلق بالحاضر وبعضها متعلق بالمستقبل "تنبؤ" ,ومن معلومات الحاضر
مستوى قوة المسلمين ومستوى قوة العدو ؛ ومن معلومات المستقبل نشاط العدو
ومحاولاته تحسين قوته والفرص المتاحة أمامه للنجاح ومثل ذلك فيما يتعلق
بالمسلمين .
ومن الآيات المتضمنة الأمر بإعداد القوة , والمتضمنة ـ
بالتالي ـ الأمر بالتخطيط قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ
اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{64} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ
صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ
يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ
يَفْقَهُونَ{65} الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ
ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ
وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ
وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ{66} [الأنفال: 64-66]. فالمسلمون مطالبون وفق
هذا النص القرآني بحيازة معلومات عن موقفهم, ومقدار قوتهم مقارنة بموقف
العدو, ومقدار قوته ثم إعداد خطتهم في ضوء هذه المعرفة وفي ضوء معايير
النصر التي جعلها النص في خط ممتد طرفه أن يكون المسلمون في أوج قوتهم
فيكون التناسب بينهم وبين عدوهم حينئذ واحداً إلى عشرة , وطرفه الآخر أن
تضعف قوة المسلمين فيكون التناسب واحداً لاثنين؛ مع الأخذ في الحساب بقية
المتغيرات مثل الصبر وصدق اللقاء و ... الخ . في ضوء هذه
المعرفة وهذه المعايير يخطط المسلمون ويستقرئون الأحداث التي يطويها
المستقبل , ثم يختارون البديل الذي يحقق الخير أو يقلل الشر إلى أدنى
مستوياته .
وإذا طمع المسلمون في نصر الله وتمكينه فسبيلهم التخطيط الذي يضبط
حركتهم بمرضاة الله ويجعل رضا الله معياراً لما يؤتى وسخطه معياراً لما
يترك.
قال تعالى:{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ{40} الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ
أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ{41} [الحج:
40-41].
ولم يرتب الله جزاءً على إيمان لايتبعه عمل صالح . وكيف يكون العمل
صالحاً إذا لم يكن هادفاً , وهدفه موافقاً للغاية من خلق الخلائق, ووسائله
مرضية لله؛ وهذه هي مراحل التحطيط؛ فالله لم يرتب جزاء على عمل غير مخطط
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ
لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً }[مريم: 96]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ
عَمَلاً }[الكهف: 30].
التخطيط في قصة ذي القرنين الذي مَنَّ الله عليه بالتمكين وهيأ له
الأسباب .
هل قعد ذو القرنين مكتوفاً بعد التمكين وتذليل الأسباب ؟ أم تحرك فاستثمر
الأسباب في صناعة التغيير وقيادته لتحقيق إرادة الله في تعمير الأرض
والقيام بواجب الخلافة فيها ؟
لقد
أخذ بالأسباب وصنع التغيير وقاد الإعمار.
كان ذو القرنين قائدا له رؤية، وأقام أعماله على قواعد التخطيط السليم،
لذا قال لهم: {فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا}، يقول الشيخ
الشعراوي: (لقد طلبوا سدًا وهو يقول: رَدْمًا، لقد رقَّى لهم الفكرة، وأراد
أن يصنع لهم سدًا على هيئة خاصة تمتصّ الصدمات، ولا تؤثر في بنائه؛ لأنه
جعل بين الجانبين رَدْماً كأنه سوسته تُعطِي السدّ نوعاً من المرونة، وهكذا
يجب أن يكون المؤمن عند تحمُّل مسئولية الخَلْق) [تفسير الشعراوي،
(16/9650)] مخططًا ناجحًا له رؤية.
خطوات التخطيط في حياة ذي القرنين :ــ
1ـ تحديد الرؤية المسقبلية ، ودراستها دراسة جيدة.
أن يأجوج ومأجوج بكثرتهم، سيعيثون في القوم فسادًا طيلـة حياتهم وحياة ذرياتهم من بعدهم
2ـ تحديد الهدف المنشود .
يستلزم إقامة ردم ضـخم علـى أعلـى تقنيـة، يمنع هجمات قـوم يأجوج ومأجوج على هؤلاء القوم والبشر في كل زمان ويبقى أبـد الدهـر.
3ـ بعث الأمل في نفوس أتباعه :ــ
لا توجد خُطة بدون الروح
التفاؤلية ، لذلك بدأ ذو القرنين اجتماعه معهم بالإنصات لهم والاستماع
إليهم وهم يعرضون أزمتهم.. فهم من تحدثوا أولًا، فقاموا يعرضون الأزمة:
{يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي
الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} [الكهف: 94].
لقد كان الموقف في حاجة إلى من يحسن تهدئته ويبث الأمن في نفوس القوم
ويصدر لهم الثقة في الله عز وجل أولًا ثم في إمكاناته التي وهبها الله
إياه، فما كان من ذي القرنين، إلا أن بدأ حديثه بالثناء على الله عز وجل
وما منَّ عليه من إمكانيات كثيرة، فأشاع جـوا من الطمـأنينة: {قَالَ مَا
مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف: 95].
ولقد تميز ذو
القرنين بإجادة لغة التخاطب وهذه من مميزات القائد الناجح ،فالقوم لا
يكادون يفقهون قولاً، وكان له في هذا عذر في عدم مساعدتهم، ولكن لابد أنه
اجتهد في الوصول إلى وسيلة للتخاطب معهم والتأثير فيهم ببلاغـة منطقه وقـوة
حجته، مبينًا لهم ما سيكون لهم من ثـمرة جهدهم ألا وهـو صنـاعة أمنهـم.
4ـ احترام وجهة النظر الأخرى.
لقد طرح القوم حلًا لأزمتهم، ومع ذلك فلم يقاطعهم ذو القرنين أو يعترض
عليهم، حتى وإن كان في الحل ما يثير حفيظته بقولهم له: {فَهَلْ نَجْعَلُ
لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} إنه
الممكّن في الأرض، ذو الجاه والسلطان، وهاهم يشترطون عليه أن يدفعوا له
نظير قيامه بعمل لهم، ورغم ذلك لم يستدع ثورته ولم ينفعل، ولكن بهدوء قال
لهم: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ}. (ثم بدأ في جذب اهتمام الحضـور
واستثـار عقولهـم فهتف فيهم: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ}.
5ـ توظيف كل الطاقات :ــ
وكان ذلك من خلال رسالة قويـة وبليغـة ومختصرة، جمع بها شتاتهـم
ليحوّلهـم إلى قوة بشرية هائلة متحفزة، تنتظـر الأوامر الصادرة لها لتعمل
بجد خلف قيادة مؤمنة وحكيمة.
تلك هي القيادة التحويلية التي
تحول الجموع المتكاسلة إلى قوة بشريـة هائلة تنفذ أكبر مشروع على الأرض)
كون ذو القرنين فرق العمل لتنفيذ هذا العمل المعجـز، ولقد وزع ذو القرنين
أدوارًا ومراحل للعمـل عليهم ونسق بينهم. ولقد ظهر هذا جليًّا من الآيات
الكريمـة، فتكونت فِرَق العمل الآتية:ــ
1- فريق لإحضار الحديد وتكون فور قولـه سبحانه وتعالى: ﴿آتُونِي زُبَرَ
الْحَدِيدِ﴾، وما يستلزم هذه المهمة من التنقيب عن خام الحديد، والكشف عن
مناجمه وإعداده على الصورة التي طلبها ذو القرنين، ونَقْله إليه عندما
يطلبه
. 2- فريـق للتجهيزات
والمعاونة، وهذا الفريق يتولى تعبيد الطرق وإعدادها من مواقع الحديـد،
ومواقع النحاس، وأفران صهره، حتى موقع الردم.
كذا المعاونة فيما
تستلزمه المساواة بين الصدفـين، والذي يتولاه ذو القرنين
.
3- فريق لإيقاد النيران، وهذا الفريق يتولى إعداد مواد
وخامات الاشتعال، كذا أدوات النفخ والبـدء في النفخ لإشعال النيران عندما
يطلب ذلك ذو القرنين في الوقت المحدد
.
4- فريــق لإعداد النحــاس المــذاب، وهذا
الفريق يتـولى، اكتشاف خام النحاس، ونقله إلى أفران صهره، والتي يقيمونها،
ثم صهر النحاس ونقله إلى موقع الردم عندما يطلبه ذو القرنين.
وهذا كله قد وضح من قول ذي القرنين إجمالاً، دون الدخول في هذه التفاصيل
بقوله سبحانه وتعالى: ﴿آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾.
هذه بعض
الفرق التي نستطيع أن نجزم أن هذا العمل قد تطلبها - وأكثر من تصورنا هذا
قد حدث- لما يتطلبه هذا العمل الضخم من فرق لتنفيذه، حتى إننا نتخيل أنه
لابد أن الشعب كـله قد عمل فيه، وذلك للحاجة إلى كثير من الأيـدي العامـلة
لتنفيذه، ولا نستطيع أن نتخيل كيف شرح ذو القرنين وبيّن لكـل فريق عمله
وواجباته وأن يؤدي كل فريق عمله على أكمل وأتم وجه.
6ـ جهاز المتابعة والرقابة :ــ
ولا ننسى أن القوم لا يكادون يفقهون
قولاً، وكيف تابع ذو القرنين المراحل البعيدة عن موقع الردم عندما كان
يساوي بين الصدفين وهناك من يعمل بعيدًا عنه في الكشف عن عنصري الحديد
والنحاس وتصنيعهما، ونقل الكميات المطلوبة منهما، كذا خامات ومواد
الاشتعال... وكان لابد لهذه الفِرَق أن تتولى إدارة أنفسهم بأنفسهم.
وكأني بذي القرنين قد فوض بعضًا من مهامه الإشرافية لأفراد من الشعب. وهذا
ما نطلق عليه في إدارة الأعمال "التفويض"، ولقد نجحوا في هذا. وتلك ما
تنادي به النظريات الحديثة في "القيـادة"، و"إدارة الأعمال") .
7 ـ إدارة الـوقت :ــ
إن الذين ينظرون إلى الوقت بعين الاهتمام هم الذين يحققون
إنجازات كثيرة في حياتهم الشخصية والمهنية، وهم الذين يعلمون أن الوقت قليل
لتحقيق كل ما يريدون، وعلى العكس من ذلك فإن المرء الذي لا يهتم كثيرًا
بالإنجازات ينظر إلى الوقت على أنه ذو قيمة قليلة )
والسياق القرآني الجليـل في هذه القصة، يلفت أنظارنـا إلى أهمية عامل
الوقت والاستخـدام الأمثـل له، وذلك من خلال إشـارات لطيفـة في أثناء
تنفيـذ الردم.
فبعد عرض
فكرتـه عليهم بـدأ في التنفيـذ على الفور بقوله: {آتوني زبر الحديد}، فإذا
انتهت مرحلة، بدأ بالمرحلة التي بعدها على الفور: {حتى إذا ساوى بين
الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارًا قال آتوني أفرغ عليه قطرًا}.
وبدراسة مراحل تنفيذ "مشروع الردم" الذي أقامـه ذو القرنين بمعاونتهم
له، نرى أن هناك عدة أنشطة قد بدأت معًا استثمارًا للوقت وعدم إضاعته؛ حتى
إننا نستطيع أن نؤكد أن الشعب كله كان في حالة استنفار، وتوزعت المسئوليات
وأدى جميع أفراد المجتمع دوره بإتقـان وفي تسلسل متتـابع لمراحـل تنفيذ
الردم.
لذلك استطاع ذو القرنين أن يحقق الهدف المنشود في وقت قليل وبتكلفة
بسيطة لم يدع فرصة لعاطل أن ينخر في صفوف الأمة فيهون من عزيمتها ويضغف من
إرادتها ،إنما الكل في عمل جاد ونشاط مستمر في ظل التعاون والخطة
المُحْكَمة مع اعتمادهم علي الله تعالي .
التخطيط الإقتصادي في قصة سيدنا يوسف عليه السلام :ــ
قال تعالي :يوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ
سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ
وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا
حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ
(47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا
قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ
يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ
يَعْصِرُونَ (49).
قص علينا القرآن قصة نبي الله يوسف الصديق عليه السلام،
وكيف أنقذ الله على يديه مصر وما حولها من أزمة غذائية طاحنة، ألهم الله
يوسف فخطط لها أحسن التخطيط لمدة خمسة عشر عاما، أقام فيها اقتصاد مصر ـ
وكان الزراعة أساسه ومحوره ـ على زيادة الإنتاج، وتقليل الاستهلاك،
وتنظيم الادخار، وإعادة الاستثمار، حتى نجت مصر من المجاعة، وخرجت من
الأزمة معافاة، بل كان لها فضل على ما حولها من البلدان، التي لجأ إليها
أهلها يلتمسوا عندها الميرة والمئونة، كما يبدو ذلك في قصة أخوة يوسف الذين
ترددوا على مصر مرة بعد مرة، وقالوا له في المرة الأخيرة: (يا أيها العزيز
مسنا وأهلنا الضر، وجئنا ببضاعة مزجاة، فأوف لنا الكيل وتصدق علينا، إن
الله يجزي المتصدقين) (سورة يوسف:87).
كان هذا التخطيط مما علمه الله ليوسف عليه السلام ومما أكرم الله به
أهل مصر. وكان يوسف هو الذي رسم معالم التخطيط، وهو الذي قام بالتنفيذ، وهو
لدى الدولة مكين أمين، وعلى خزانتها وأمورها حفيظ عليم.
التخطيط في حياة النبي صلي الله عليه وسلم :ــ
إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مَعْلم بارز في جميع جوانب الحياة
ونلحظ من سيرته العطرة جانب التخطيط وإحكام الإدارة ودقة التنظيم في كل
مراحل دعواته: فإذا نظرنا ـ مثلاً ـ إلى الهجرة النبوية نجد أن الرسول صلى
الله عليه وسلم وضع لها خطة احتوت على هذه العناصر: تحديد الهدف،
اختيارالمكان المناسب ، كتمان الأمر ، توزيع الأدوار ، تنظيم الوسائل، رسم
أسلوب التنفيذ، محاولة التنبؤ بالمستقبل ، الإعتماد علي الله ، والثقة في
الله تعالي .
إن تخطيط الرسول صلى الله عليه وسلم للهجرة النبوية المباركة دليل واضح
على أن التخطيط ضروري لمزاولة أي نشاط بشري مهما يكن نوعه، يستوي في ذلك
أن يكون القائم به فرداً أو جماعة وأن يستهدف شأنا من شؤون المسلم أو شؤون
الحرب وقد اتضحت رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخطيط في بناء
المسجد، ودستور المدينة، وحركة السرايا، وغزواته الميمونة واتصالاته
بالقبائل والدول والزعماء والملوك ولقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم
التخطيط في كل مراحل دعوته السرية والعلنية وقيام الدولة إيماناً منه بأن
التخطيط أساس من الأسس في إنجاح أي عمل من الأعمال، ولابد منه للبلوغ إلى
المقصود وأنه ركيزة أساسية يقوم عليها هذا الدين ولذلك فإن الإسلام قد
دعانا إلى الأخذ به، وجعله نظاما لحياة المسلمين لأنه ضرورة لابد منها ،
وهذا ينسجم مع الفهم الصحيح لمعنى التوكل على الله والإيمان بالقدر.
والتخطيط في السنة النبوية هو امتداد للتخطيط في القرآن الكريم،
ومُستمد منه، وقد اشتملت السنةُ النبوية على عددٍ كبير من صُور التخطيط
القائمة على مَبدأ التوكُّل والاعتماد على الله - سبحانه وتعالى - أولاً،
والأخذ بالأسباب بعد ذلك ، وحادثة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع
الأعرابي مَعروفة؛ حيث جاء ذلك الأعرابي وأخبره بأنه ترك ناقته عند باب
المسجد دونَ أن يعقلها بعد أن توكل على الله، ولكنَّها هربت، فأخبره النبي -
عليه الصَّلاة والسَّلام - بأنه كان عليه أن يتوكل على الله ويعقل الناقة؛
حتى لا تهرب.
ومن صور التخطيط في السنةِ النبوية قولُ الرسول - عليه الصَّلاة والسَّلام
-: (لا يُلدَغ المؤمنُ من جحر واحد مَرَّتين) ، والدروس المستفادة من هذا
الحديث في مجال التخطيط هو الاتِّعاظ، وأخذ العبرة من الماضي، وعدم تَكرار
الأخطاء، وأنْ يأخذَ المسلم الحذر والحيطة في الأعمال التي يقدم عليها.
التخطيط الأسري :ــ
التخطيط الأسري أسلوب حياة! ومنهج حياتي، يجب على كل
أفراد الأسرة تعلم فنونه وبشكل مستمر فالتخطيط الأسري لا يقف عند حدث،
فهناك جوانب أخرى مهمة، مثل التخطيط التربوي، والتخطيط التعليمي وغيرها من
جوانب الحياة الرئيسة كلها تصب في قالب الأسرة الذكية.
قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: "عادني النبي - صلَّى
الله عليه وسلَّم - عامَ حجة الوداع من مرضٍ أشرفت فيه على الموت، فقلت: يا
رسول الله، بلغ مني من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي
واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: ((لا))، قال: أفأتصدق بشطره؟ (أي: نصفه)
قال: ((لا))، قال: أفأتصدق بثلثه، قال: ((فالثلث يا سعد، والثلث كثير،
فإنَّك إنْ تدَع ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تدعهم عالة يتكففون الناس))"[10]،
ويوضح هذا الحديث أنَّ الاحتياطَ واجب، وأنَّ الإنسانَ يَجب أنْ يعتمد على
نفسه بعد الله - عزَّ وجَلَّ - مع الأخذ بالأسباب؛ لكي يعيشَ عيشة كريمة
تقيه من ذُلِّ السؤال، أو الاعتماد على الغير.
خامسا :ـ أثر التخطيط في حياة الفرد والمجتمع :ــ
[1] يساعد الأمــة على تحقيق أهدافها والوصول إلى غاياتها.
[2] يربط الأمـــــة بأولوياتها التربوية من خلال وضوح الأهداف وسلامة الأساليب والوسائل الموصلة إليها.
[3] تحقيق أكبر قدر من السعادة في المجتمع من خلال التزام الواجبات وأداء
المسئوليات فكل فرد في المجتمع يعرف دوره الذي يؤديه وهدفه الذي يرنو إليه.
[4] محاربة الفوضوية وهدر الطاقات والأوقات والأموال والتي تعرض الأمة
للكثير من المشكلات وبالتالي تقل المشكلات داخل الأمةالمسلمة مما يوفر الجو
المناسب والمحتضن اللائق للتربية والعطاء..
[5] اتخاذ الاحتياطات
اللازمة والوسائل المناسبة لتأمين مستقبل الأمة وبنائه وفق تنظيم يضمن -
بإذن الله - حياة سعيدة بعيدة عن الاضطراب والارتباك أو على الأقل يخفف
حدتها ويهون وطأتها.
[7] تعريف الأفراد بمهامهم التخطيطية التي أنيطت
بهم لرعايتها والاهتمام بها لاسيما في وقتنا الحاضر حيث كثرة وسائل الفساد
مع جهل كثير بحقوق الأمــة ومسئولياتها.
سادسا :ــ خطورة الفوضوية وطرق التخلص منها :ـ
لا بد أن يدرك المسلم العاقل بما أعطاه الله من عقل ، وما أودع فيه من
الفطرة أن الله تعالى لم يخلق الحياة عبثا ، ولم يوجد الإنسان هملا (
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) ، وأن الله بنى الكون
كله على نظام دقيق محكم ، لا مكان فيه للفوضى والاضطراب ( وخلق كل شيء
فقدره تقديرا ) ( سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى ) .
والمسلم الذي
يدرك هذه الحقائق لابد أن يجعل لكل وقت من حياته هدفا ، ولكل عمل غاية ،
وأن يجعل حياته كلها على هذا الأساس ، فلا وقت لديه قابل للضياع ، ولا جزء
من حياته باق في دائرة الفراغ ، وهذه سمة المسلم الجاد في حياته ، المنظم
لها ، المدرك لهدفه وغايته .
واعلم أخي المسلم أن رأس مالك هو عمرك فإذا ضيعته وأنفقته في غير
فائدة فقد ذهبت منك الفوائد وستسأل عن عمرك مرتين كما قال النبي صلي الله
عليه وسلم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما
أفناه ؟ وعن علمه ما عمل به ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟ وعن
جسمه فيما أبلاه )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . والعمر هو الوقت
الذي وقع فيه العمل .
أما الإنسان الفوضوي الذي لا يحسن في أموره كلها ، ويضيع واجباته ويفرط
في كل شيء ، ويهدر طاقاته وعمره ، فلابد أن تضطرب حياته ، ويخفق في تحقيق
أهدافه ، ويصاب بالإحباط واليأس والتوتر والقلق ، حين يرى الآخرين من حوله
قد قطعوا شوطا بعيدا في الحياة ، وهو ما زال يراوح في مكانه .
أيها
الأخوة ... إن ظاهرة الفوضوية ظاهرة منتشرة في حياتنا ، الفوضوية تعني
اختلاط الأمور ببعضها ، والنظر إليها أنها بدرجة واحدة من حيث الأهمية
والفائدة ، فيختلط الحق بالباطل ، والمهم بالتافه ، والجد بالهزل ، وتعني
أيضا العبث وإهدار الحياة والطاقات ، وبعثرة الجهود .
الفوضوي هو الشخص الذي لا هدف له محدد ، ولا عمل له متقن ، أعماله
ارتجالية ، يبدأ في هذا العمل ثم يتركه ، ويشرع في هذا الأمر ولا يتمه ،
ويسير هذا الطريق ثم يتحول عنه وهكذا .
وهذه بعث الآثار المهلكة للفوضوية وعواقبها الخطيرة حتي نحذرها :ـ
1- فمنها ضياع العمر بلا فائدة ، فلا يفيد الفوضوي نفسه ، ولا يفيد أهله وأسرته ، ولا يفيد مجتمعه وأمته ، فتذهب حياته سدى .
2- ومنها التشتت الذهني والقلق والاضطراب النفسي ، فالفوضوي ليس عنده
القدرة على اتخاذ قرار صحيح لحل المشكلات التي تواجهه فيعجز ، ويصاب بالقلق
والاضطراب اللذان يؤثران فيه نفسيا ومعنويا .
3- ومنها الفشل والضياع : فالفوضوي واقف في محله ، أو يتحرك حركة بطيئة ، لا تفيد ، فلا يمكن أن يحقق نجاحا أو يحدث له تطور ورقي .
4- ومنها فقدان الحكمة في التعامل مع الأمور : إن عدم تحديد الأهداف
ورسمها بدقة وعدم التنظيم يؤدي إلى آنية التفكير ، وموسمية العمل ، وهذه هي
الفوضوية بعينها ، وهذا ينشأ عادة من النظرة السطحية للأمور ،
والوقوف
عند ظواهر الأحداث دون النظر في أسبابها وآثارها ونتائجها ، وبالتالي يتخذ
الفوضوي قرارات لا تتفق مع طبيعة الحدث ولا تناسبه ، وهذا خلاف الحكمة
التي هي وضع الأمور في موضعها الصحيح ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا
وما يذكر إلا أولوا الألباب ) .
أيها االمسلمون ... لابد من علاج ظاهرة الفوضوية في حياتنا ، ويكون ذلك بأمور:ــ
1- منها دعاء الله سبحانه والاستعانة به ، والضراعة إليه أن يخلصنا من
هذه الصفة المذمومة ، وأن يمن علينا بالتوفيق والسداد ، وأن يوفقنا لشغل
أوقاتنا بالمفيد النافع ، فإن الدعاء سلاح المؤمن ( وقال ربكم ادعوني أستجب
لكم ).
2- ومنها اليقين بأننا مسئولون عن أوقاتنا غدا عند لقاء ربنا سبحانه ،
وأنها رأس مالنا الحقيقي ، وأننا سنسأل يوم القيامة عن أعمارنا وشبابنا
ووقتنا ، فضياع الحياة خسارة ما بعدها خسارة ( قل إن الخاسرين الذين خسروا
أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ) .
3- ومنها تنظيم الوقت ومحاسبة النفس ، فكل ما هو حولك يسير وفق نظام
محدد ، فإذا نظم الإنسان وقته وحاسب نفسه على ذلك ، بورك له في وقته ، وزاد
نشاطه وعمله ، وأصبح النظام سجية له وعادة .
4- ومنها التخلص من صحبة الفوضويين ، والحرص على صحبة الصالحين
المستغلين لأوقاتهم فيما يرضي ربهم سبحانه ، فالمرء - كما جاء في الحديث -
على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل .
5- ومنها إدراك العواقب المترتبة على الفوضوية ، فالعاقل يعتبر بغيره
ممن تخبط وأهدر عمره ، وخرج من فشل إلى فشل ، ومن إخفاق إلى إخفاق ، فرؤية
العواقب تحث العاقل على تنظيم حياته واستغلال كل لحظة من لحظات عمره فيما
هو نافع ومفيد .
6- ومنها الحرص على المشورة وعدم الانفراد بالرأي ، فالاستشارة قوة
للذي استشار تمنعه من الزلل ، وتهديه إلى الصواب ، وتدله على النافع المفيد
، وتسلك به إلى طريق النجاح ، وقديما قالوا : ما خاب من استخار ، ولا ندم
من استشار ، ومن أعجب برأيه لم يشاور ، ومن استبد برأيه كان عن الصواب
بعيدا .
وفي النهاية ... يجب أن نربي أنفسنا وأولادنا علي احترام الوقت وتنظيمه وليكن شعارنا المسلم منظما في شئونه .
أيها
الأخوة ... هذه بعض سبل العلاج لظاهرة الفوضوية ، نسأل الله تعالى أن
يرزقنا التوفيق والسداد في الأمور كلها ، وأن يعيننا على تنظيم أوقاتنا
فيما يرضيه ، وأن يوفقنا لقضاء أوقاتنا فيما ينفعنا في ديننا ودنيانا ، وأن
يجعلنا عالمين عاملين لمجتمعنا وأمتنا فيما يحبه الله ويرضاه .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
المراجع:ـ
1ـ
القرآن الكريم 2ـ في ظلال القرآن الكريم للأستاذ / سيد قطب. 3ـ
تفسير الشيخ الشعراوي 4ـ جامع
العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي .
5 ـ الصحوة
الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي . للدكتور يوسف القرضاوي.
6ـ السيرة النبوية للدكتور الصلابي 7ـ موقع صيد الفوائد . 8ـ لسان العرب لابن منظور
9ـ موقع مفكرة الإسلام