رعاية اليتيم و مسئوليتنا عنه

إعلان الرئيسية

رعاية اليتيم و مسئوليتنا عنه

رعاية اليتيم و مسئوليتنا عنه


رعاية اليتيم و مسئوليتنا عنه 
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 
قال الله تعالى : (( و يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير و أن تخالطوهم فإخوانكم , و الله يعلم المفسد من المصلح , ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم )). البقرة 220 
و عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((أنا و كافل اليتيم في الجنة هكذا – و أشار بإصبعيه السبابة و الوسطى - )) 
اليتيم هم من فقد والده صغيرا , فالآجال بيد الله سبحانه و تعالى يقبضها حيث يشاء , وقد يموت الرجل عن أطفال قصر و عيال رضع فيحرمون من عطف الأبوة و حنانها و هم صغار ضعاف في حاجة إلى المعين و الراعي و المجير . 
هؤلاء اليتامى هم أحق الناس بالشفقة , وأولاهم بالحب و الرعاية , حيث فقدوا المعين و تعرضوا للذل المؤلم و الحرمان المهين . لذلك أوصى الله سبحانه و تعالى خيرا باليتامى و أمرنا بالإحسان إليهم , وحسن التصرف معهم , والمحافظة على أموالهم و القيام على تربيتهم , والعناية بتهذيب نفوسهم , حتى يكونوا أفردا نافعين , وأعضاء في المجتمع الصالح . 
فما أجدر اليتيم بالرعاية و العطف و الشفقة و البر , إنه إنسان صغير حرم من حنان الأب و هو في مطلع حياته , إنه طفل لا يصلحه إلا السرور , والمرح و الهدايا و البشاشة و الرحمة فطوبى لمن يعوضه حنان الأب ورقته ورحمته. 
لقد عني القرآن الكريم بأمر اليتيم أشد عناية مستقصيا أحواله مبينا أحكامه . وجاء في ذلك آيات كثيرة . 
أمر بالإحسان إليه , والرفق به , والعطف عليه , فقال تعالى : (( و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و بالوالدين إحسانا و بذي القربى و اليتامى و المساكين )) النساء 36 
و ذكر النبي صلى الله عليه و سلم بأنه كان يتيما , يستثير بهذا التذكير عطفه و عطف المسلمين على اليتامى : ((ألم يجدك يتيما فآوى )) الضحى 5 
و نهانا الله عز وجل عن إذلال اليتيم و إهانته فقال : (( فأما اليتيم فلا تقهر )) الضحى 7 . أفلا تذله و لا تتكبر عليه و لا تحقره , بل المطلوب من المؤمن أن يحنوا على اليتيم , ويرأف بحالة , ويرفع نفسه بالأدب , ويهذبه بمكارم الأخلاق , ليكون عضوا نافعا في الجماعة المسلمة . 
و قد جعل القرآن الكريم زجر اليتيم , وتعنيفه , والتعاظم عليه من التكذيب بالدين , ومن عدم التصديق و ضعف اليقين , ولنتدبر قول الحق تبارك و تعالى : (( أرأيت الذي يكذب بالدين , فذلك الذي يدع اليتيم , ولا يحض على طعام المسكين )) الماعون 1-3 
((يدع اليتيم ))أي يدفعه , ويزجره زجرا عنيفا إذا جاء يطلب منه حاجة احتقارا له , واستهانة بأمره , وتكبرا عليه ليفقده النصير ,وخلو ظهره من المجير , واليتيم مظهر الضعف والحاجة , فالمستهين به قاس مستهين بكل ضعيف , محتقر لكل محتاج , مخدوع بدنياه , لاه عن يوم الدين . 
وقد وبخ القرآن أقواما و بين فساد معتقداتهم و سوء مسالكهم لأنهم لا يكرمون اليتامى , ولا يرغب بعضهم بعضا في العطف على الضعيف و إطعام المسكين ..و لنتدبر قول الله تعالى : ((كلا بل لا تكرمون اليتيم , ولا تحاضون على طعام المسكين)) الفجر 18-17. 
و كانت الآيات تقول لهؤلاء : إذا لم تكرموا اليتيم , ولم يوص بعضكم بعضا بطعام المسكين , فقد كذبت مزاعمكم في أنكم من قوم صالحين . 
و قد أمر القرآن بإصلاح اليتيم كافة أحواله , في نفسه , وفي خلقه , وفي تربيته و تعليمه , بإصلاح في ماله . 
يقول الله تعالى : (( و يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير )) البقرة 220. أي العمل على إصلاح أحوالهم بالتربية و التهذيب , التدريب لاكتساب الخبرة , وتنمية أموالهم , وتثميرها بالطرق الشرعية و نحو ذلك مما يعود على اليتيم بالصلاح في نفسه و جسمه و غير ذلك . 
يا وصيا صن الموصى عليه ******في جميع الأمور كي لاتضاما 
علموهم و بالغوا في هداهم*****إن حفظ اليتيم صــار لزاما 

و الله الذي حرم إهانة اليتيم بكلمه , حرم بالأولى ماله , ومال التيتم أولى بالرعاية و الحفظ و الاستثمار. 
قال تعالى : (( و لا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشهده )) الأنعام 152 . 
و معناها : النهي عن قربان مال اليتيم بأي نوع أو حال من حالات القربان , اللهم إلا عند السعي لاستثمار مال اليتيم و استعماله على وجه هو أحسن الوجوه بما ينفع اليتيم في حاضرة و مستقبله , كالأنفاق منه على تربية و تعليمه , وكحفظ ماله باستثماره في زراعة أو صناعة أو في تجارة أما إهمال شأن اليتيم , وإهمال ماله , وتجميده أو الإسراف فيه بما لا يكسبه خيرا , ولا يدفع عنه شرا فذلك محرم و منهي عنه . 
قال تعالى (( و ابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم و لا تأكلولها إسرافا و بدارا أن يكبروا و من كان غنيا فليستعفف و من كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم و كفى بالله حسيبا )) النساء 6 
و في تحذير من أكل أموال اليتامى يقول سبحانه : (( و آتوا اليتامى أموالهم و لا تتبدلوا الخبيث بالطيب و لا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم أنه حوبا كبيرا ))النساء 2 . أي إثما عظيما 
ثم يحذر القرآن المسلمين من إهمال شأن اليتيم فيأمر الأوصياء أن يعنوا باليتامى , كما يعنون بأولادهم , وكما يحبون أن يصان أولادهم من بعدهم . 
((و ليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم قليتقوا الله و ليقولوا قولا سديدا )) النساء 9 
و وأوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام : يا داود كن لليتيم كالأب الرحيم , كن للأرملة كالزوج الشفيق , واعلم أنك كما تزرع تحصد . 
ثم ينذر الطامعين في أموال اليتامى بنار تتلهب في بطونهم و بتسخين جسومهم بنار جهنم , ولنتدبر قول الحق تبارك تعالى : ((إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا و سيصلون سعيرا ))النساء :10 
قال السدي: يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة , و لهب النار يخرج من فيه , و من سمعه , وأنفه , وعينيه , يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم . 
هذه بعض مظاهر عناية الإسلام باليتيم : عنى به من جهة ذاته : فنهى عن ازدرائه و احتقاره و إهانته , وعنى به من جهة ماله فأمر بالمحافظة عليه و استثماره , بإعطائهم أموالهم كاملة عند بلوغهم , و عنى به من جهة تربيته و تمرينه على التصرف بما ينفعه حتى يبلغ أشده ..فطوبى لمن اتقى الله في اليتامى , وأحسن إليهم و أكرمهم. 
و مما أوحى الله إلى يعقوب عليه السلام : (( إني لم أحب شيئا من خلقي حبي اليتامى و المساكين )). 
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( من قبض يتيما من بين مســلمين إلى طعامه و شرابه ادخله الله الجنة ألبته إلا أن يعمل ذنبا لا يغفر )). 
و قال صلى الله عليه و سلم : ((من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله , وصام نهاره , وغدا وراح شاهرا سيفه في سبيل الله , وكنت أما و هو في الجنة أخوان كما أن هاتين أختان – و أشار بالسبابة الوسطى )) 
فاتقوا الله في اليتامى ,و اخشوه ,وراقبوه في كل قول و عمل , وتوبوا إليه سبحانه توبة نصوحا , فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له .

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button