مـحـوريـة التـلمـيذ فـي
العمـلـيـة التـربـويـة:
بـيـن الـرهانـات و حـدود الـواقـع
إعــــداد وتـقـديــــــم :
محمد نجيب قاسمي
مدير المدرسة الإعدادية بالـمزونة
المحتوى
مــقــدمــة : التربية خيار
استراتيجي شعبيا و رسميا .
I / التلميذ محور
العملية التربوية : رهان وطني
أ – في التشريع
ب – في الوظائف التي تضطلع بها
المدرسة لفائدة التلميذ محور العملية التربوية
ج – في حقوق التلميذ و واجباته
د – الخلاصة
II / محورية التلميذ في
العملية التربوية : رهان وطني يبحث عن موقع جهوي.
أ – المنطلقات : تجربة شخصية و
دراسة ميدانية .
ب – في قبول المبدأ و إدراكه .
ج
– وضع التلميذ حاليا في مؤسساتنا التربوية .
*
في مدى قيامه بواجباته .
*
في مدى تمتع التلميذ بحقوقه .
*
من عنصر محوري إلى عنصر هامشي .
III / إحاطة أفضل
بالتلميذ : دعم أكبر لمردود المؤسسة .
أ – أعرف تلميذك / أعرف نفسك .
ب – دور محوري للمربي .
ج – تحسين النتائج المدرسية : الهاجس الأكبر / الأمل الأكبر
مــقــدمـة : التربية خيار استراتيجي شعبيا ورسميا
للـتـربـيـة جـذور راسخة
منذ الاستقلال , قدّم الاهتمام بها رسميا و شعبيا الأخرى
« التربية أولوية وطنية مطلقة »
و « التعليم واجب يشترك في الاضطلاع به
الأفراد و المجموعة » .
و في الجملة هناك تقاليد راسخة في كل ربوع
تونس في نشر العلم و تبجيل حملته و إن
تفاوتت قليلا الجهات
و الأسر في ذلك .
فمن هو محور هذه الأولوية الوطنية المطلقة للتربية ؟
و ما مدى تجسيم ذلك في واقع جهتنا التربوي ؟
I / التــلــمــيـــذ
مــــحــــــــــــور الـــعـــمـــلــيـــــــــة الــتـــربـويــــــة : رهـــــان
وطنــــــــي
أ-
في التشريع:
لأول مرة يتحدد في تشريع تربوي بتونس موقع
التلميذ في المنظومة التربوية فهو محورها و مركز اهتمامها الذي تسخر كل الجهود و
الطاقات و الإمكانيات لفائدة تنشئته و تربيته و تعليمه و تأهيله .وقد تم تكثيف كل
المعاني المعبرة عن هذه المحورية في جملة واحدة أفرد لها الفصل الثاني بكامله من
القانون التوجيهي للتربية و التعليم حيث جاء فيه :
« التلميذ
محور العملية التربوية »
و
في ذات التوجه نقرأ في الباب الرابع "التوجهات الكبرى للإصلاح التربوي "من
الخطة التنفيذية لمدرسة الغد : « لتنهض المدرسة بمهامها على الوجه المطلوب
يتعين عليها أن تضع التلميذ في صدارة اهتماماتها و أن تبوّئه منزلة محورية
في العملية التربوية
ب – في الوظائف التي تضطلع بها المدرسة لفائدة التلميذ محور العملية
التربوية .
جاء في
الفصل السابع من القانون التوجيهي للتربية و التعليم المدرسي
« تضطلع
المدرسة بوظائف التربية و التعليم و التأهيل »
و إن هذه المكانة المحورية للتلميذ في صلب اهتمام كل الساهرين
على شؤون التربية تفرض أن يكون للتلميذ حقوقا وواجبات .
ج– في حقوق
التلميذ و واجباته :
الحقوق و الواجبات وجهان لعملة
واحدة فلا انفصام بينهما إذ لا واجبات على من ليست له حقوق و لا حقوق لمن لا يؤدي
ما عليه من واجبات :
الــــحــــقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوق
|
|
الــــواجـــبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات
|
1- حق التعليم مجانا دون تمييز على أساس
الجنس أو الأصل الاجتماعي أو اللون أو الدين .
2- الحق في الإعلام المتنوع الشامل حول
التوجيه المدرسي و الجامعي .
3- الحق في التعامل معه بإنصاف .
4- الحق في أن تكون فرصه في التعليم متكافئة
مع بقية التلاميذ.
5- الحق في التصرف معه بنزاهة و موضوعية .
6- الحق في احترام شخصيته في حرمتها البدنية
و النفسية و احترام كل حقوق الطفل المنصوص عليها بمجلة حماية الطفل
7- حق الدفاع عن النفس أمام مجلس التربية إن
أحيل عليه
8- حق الإعانة للتلاميذ الذين ينتمون لأسر
متواضعة الدخل.
9- الحق في توفير الظروف الملائمة للتلاميذ
من ذوي الاحتياجات الخصوصية.
10- الحق في المشاركة في أنشطة الحياة
المدرسية .
11- حق المشاركة في مداولات مجلس المؤسسة عبر
النواب
|
الـتـلـمـيــــذ
مـــحــــــور
الـعـمـلـيـــة
الـتـربـويـــــة
|
1- احترام المربي و كافة أعضاء الأسرة
التربوية.
« و لما
كان المربون أشد الناس تعلقا بما نريد أن تربى عليه ناشئتنا ... و احرص الجميع على أن تكون المدرسة طليعة
التغيير الحضاري الذي ننشده
و أقدرهم
على تحقيق ما نصبو إليه بفضل ما يتحلون به من تجرد لطلب الحقيقة الموضوعية و إحساس
مرهف بتجربة الحياة
و انقطاع
سخي للصالح العام كانوا أحق الناس بالتقدير
و الاحترام و لا سيما من قبل التلميذ »
(المنشور
عدد 93/91 الصادر عن الديوان حول النظام التأديبي المدرسي.
2- واجب التقيد بما تستوجبه حرمة المؤسسة
التربوية ( احترام النظام الداخلي للمؤسسة ) .
3- واجب المواظبة و انجاز الفروض و المهام التي تستوجبها الدراسة .
4- احترام قواعد العيش الجماعي و التراتيب المنظمة للحياة المدرسية .
|
د – الخلاصة
وضع
التلميذ في قلب العملية التربوية
الإمكانيات البشرية
له
حقوق عليه واجبات
الإمكانات
المادية تأهيل
البرامج
تربية
تعليم
المدرسة
فهل حقا أن التلميذ هو محور العملية التربوية
في المتصور و الممارس بجهتنا ؟
و هل يؤدي واجباته على النحو المطلوب و ما مدى
تمتعه بحقوقه ؟
و كيف يبدو وضعه في المؤسسة التربوية ؟
و هل يؤثر كل ذلك على مردوده المدرسي و
بالتالي على مردود المؤسسة التي ينتمي إليها ؟
II / محورية التلميذ في العملية التربوية : رهان وطني يبحث عن
موقع
جهوي :
أ - المنطلقات : تجربة شخصية
ودراسة ميدانية :
لتناول المسائل التي أثرنا حولها جملة التساؤلات
السابقة اعتمدنا على :
1- الملاحظة الشخصية
2- استبيان شمل معظم أصناف المربين و
التلاميذ
- المشاركون في الاستبيان :
الأســاتـــــــذة
|
المعلمـون
|
القيمون
|
مجموع المربين
|
الـتـلامـيــذ
|
||||
إعدادي
|
ثانوي
|
المجموع
|
إعدادي
|
ثانوي
|
المجموع
|
|||
52
|
41
|
93
|
15
|
40
|
148
|
116
|
80
|
196
|
أ - في قبول المبدأ و إدراكه :
* قراءة نتيجة الاستبيان
السؤال
الأول : من هو محور العملية التربوية ؟
نلاحظ أن أقل من نصف المربين 45,95 % فقط أجابوا بأن التلميذ هو محور العملية التربوية و
أن نسبة ضئيلة جدا من التلاميذ 18.37 % فقط يعلمون أنهم هم
محور العملية التربوية .
و لهذا دلالات خطيرة جدا :
* إن عدم معرفة قطاعات واسعة من المربين و
معظم التلاميذ بهذا المبدأ الأساسي يفسر إلى حد كبير المكانة الهامشية لتلميذنا
اليوم في مؤسساتنا التربوية .
* فمن جانبنا نحن المربين نعتقد خطأ أن
المؤسسة مفتوحة لنا لنعمل و نكسب رزقنا في المقام الأول أما المقام الثاني فهو للتلميذ حيث
يتلقى بعض التعليم لا أكثر . فالتلاميذ موجودون لنعمل نحن . أما الأصل في الأشياء
و هو أن التلميذ هو سبب وجودنا نحن فلا قيمة لنا في المدرسة دون وجوده و نحن
مسخرون و موظفون لخدمته فهي فكرة تحط من شأننا و تعلي من شأن التلميذ الذي لا
يستحق على حسابنا .
فالقول بأن التلميذ هو محور العملية التربوية
غير مستساغ وكثيرا ما يواجه قائله باعتراضات شتى أبرزها أنه قول يوحي بتغليب مصلحة
التلميذ على بقية أعضاء الأسرة التربوية و الإعلاء من شأنه على حسابهم .
أما من جهة التلاميذ فإن عدم معرفة أنهم هم
محور العملية التربوية ينعكس على إدراكهم و شعورهم بالمكانة الهامشية لهم في عقر
دارهم و هذا ما يفسر الكثير من السلوكات
و التصرفات نستحضر منها :
1-
يشعر كثير من التلاميذ أنهم موجودون في المدرسة بدفع من أوليائهم فهم
مضطرون للحضور لهذا السبب وحده و سمعنا مثل هذا الموقف في مناسبات عديدة في مجالس
التربية و عند معالجة الغيابات غير المبررة .
2-
يقوم معظم التلاميذ بمراجعة دروسهم إرضاء للمربي و/ أو الولي أو خوفا منهما
.أما الرغبة الذاتية و الدافع الشخصي و التفكير المستقبلي فشبه منعدم .
ج – وضع التلميذ حاليا في مؤسساتنا التربوية:
ليست
الغاية أن نقدم صورة سوداوية عن وضع تلامذتنا بل نروم الوقوف على حقيقة ما تعانيه
أعداد كبيرة منهم إذ من المفيد رصد نقاط الضعف لمعالجتها
- في
مدى قيامه بواجباته :
· قراءة نتيجة الاستبيان
السؤال
الثاني : يؤدي تلميذ اليوم واجباته ( في مقابل حقوقه ) :
ترى نسبة ضئيلة جدا 4,05 % من المربين أن التلاميذ يؤدون واجباتهم على أحسن وجه و يقر 54,59 % من التلاميذ بأنهم يؤدون واجباتهم على نحو متوسط أو
ضعيف و لا شك أن رأي المربي هو أقرب إلى الواقع لأنه الأقدر على التقييم و صاحب
الممارسة اليومية و في الجملة فإن هناك رأي سائد بأن التلميذ مقصر كثيرا في أداء
واجباته المختلفة و لعل ابرز مظاهر ذلك :
· كثرة المخالفات السلوكية المسجلة في كل مؤسسة
تربوية سواء إزاء بقية التلاميذ أو المربين عموما .
· الأعداد الهائلة لأيام الدراسة المهدورة بفعل
الغيابات الكثيفة و التأخيرات
· تشكو كل مؤسسة سواء كانت حديثة البناء أو
قديمة و سواء كان تلاميذها من وسط حضري أو ريفي من الكتابة على الجدران و العبث بالمقاعد
و الأسرة
و المركبات
الصحية و الحشايا و غيرها من الممتلكات العامة .
· لا يؤدي معظم التلاميذ واجباتهم المنزلية من مراجعة
دروس و انجاز تمارين
و غيرها إلا
نادرا و إن اجتهدوا في ذلك فلا يتم إلا قبيل الامتحانات بفترة وجيزة و لهذا كثيرا
ما يضبط تلاميذ يراجعون دروسا أو ينجزون تمارين في حصص دروس أخرى فلا هم يستفيدون
من الدرس الحالي و لا من الذي ينجزونه
خلسة و لك في الأعداد الكبيرة من الذين تسند لهم المذاكرة التكميلية أسبوعيا خير
دليل على ذلك رغم أنهم جزء قليل من المقصرين في أداء واجبهم .
و لعل ابرز
الأسباب التي تفسر إخلال تلاميذنا بواجباتهم ما يلي :
+ إن النظر بمسؤولية في القيام بالواجب و احترام
الآخر و تقديس العمل و الحفاظ على الملك العام ضعيف في الضمير الجمعي
لدينا و أرجو أن أكون مخطئا في ذلك و هذا ينعكس بالضرورة على سلوك أبنائنا .
+ ضعف
متابعة الأولياء بل انعدامها في معظم الأحيان فالكثير منهم لا يعلمون بنتائج أبنائهم و منهم لا يعرف في أي
سنة يدرس ابن(ت)ه بل الأغرب هناك من يزور مؤسسة أخرى غير التي يدرس بها منظوره عند
استدعائه أو لحل أمر ما يتعلق به
و لك في عدد الذين يحضرون الاجتماعات التي تدعو
إليها المؤسسة التربوية حول مسائل مختلفة تهم التلاميذ خير دليل على ضعف عناية
الأولياء بما يتعلق بدراسة أبنائهم و في الجدول التالي بيان لعينة حقيقية لحضور
الأولياء بالمدرسة الإعدادية بالمزونة و أرجو أن يكون حظ المؤسسات الأخرى أفضل
موضوع الاجتمــــاع
|
عــــــدد المدعوين
|
الأولـيــاء الحـاضـرون
|
مــــلاحـــظــــــــــــــــــــات
|
اجتمـاعات تقيـيـم النتـائـج الثـلاثية
|
كل
الأولياء ويفوقون سنويا في كل دعوة الألف .
|
أولــيــــاء
الـتلامـيــــذ الـمـتـفـوقين فقط
|
رغـم إحـضـــار الـمـشـروبـــات و المرطبات
و الصور الـتـذكـاريــــة
|
اجـتماع التـوجيـه المدرسـي لـلأولى ثانـوي أفريل 08
|
155
|
3 أولياء
فقط لتلاميذ متفوقين
|
و حـضـر الـمـدير
و
الأستاذ المـكـلف بالتوجيه و المرشد في الإعلام و التـوجـيه المدرسي والجامـعـي
|
اجـتمـاع التـوجيه المدرسـي لـلأولى
ثانــــــــوي 16 نوفمبر 2008
|
218
|
لا أحد
|
و حـضـر الـمـدير
و
الأستاذ المـكـلف بالتوجيه و المرشد في الإعلام و التـوجـيه المدرسي والجامـعـي
|
+ انعدام
فضاءات المراجعة و المؤطرين للتلاميذ الذين يستعملون النقل المدرسي
في ساعات الفراغ و عند منتصف النهار حيث يقضون ساعات طويلة يوميا تحت الشمس و عرضة
للريح و البرد و المطر، في الخلاء أو في الأزقة و الانهج .
+ لئن أصبح
امتلاك الكتاب المدرسي ضروريا لكل المواد تقريبا فإن العديد من التلاميذ لا يتوفر
لديهم و لهذا لا يتابعون الدرس بيسر و ما يستوعبونه منه ضئيل و لا ينجزون التمارين
المطلوبة منهم فيه .
و سبب ذلك أمران جليان :
= الوضع
المادي الصعب للكثيرين يضطرهم إلى عدم القدرة على اقتناء كل الكتب و هي عديدة و
باهظة الثمن .
= هناك
اقتناع خاطئ على نطاق واسع لدى الأولياء و التلاميذ في الوقت نفسه بأن الكتاب
محدود الأهمية في حصة الدرس و هذا ناتج عن الوضع السابق حيث معظم المواد لا كتب
لها و أغلب الكتب قد نستغني عنها بوجود الكراس الذي فيه كل المعارف المطلوبة إضافة
إلى القراءة الخاطئة لتساهل المدرسين في هذا الأمر عندما يضطرون إلى السماح بكتاب
واحد على الأقل في كل مقعــد
في مدى تمتع التلميذ بحقوقه :
· قراءة نتيجة الاستبيان
السؤال
الثالث : يتمتع التلميذ في المؤسسة التربوية بحقوقه :
يبدو من خلال هذا الاستبيان أن هناك رضى لدى
المربين و التلاميذ معا بمدى تمتع التلميذ بحقوقه في المؤسسة التربوية حيث نجد 04,73
% فقط من المربين يقرون بضعف تمتع التلميذ بحقوقه و
البقية يرونها بصورة مقبولة 50,67 % بل جيدة لدى نسبة 44,59
% .
و كذلك فإن أكثر من ثلثي التلاميذ يقرون
بارتياحهم في هذه الناحية و لكن لا يخفي عنا ذلك بأن ثلث التلاميذ 33,16 % غير مرتاحين لتمتعهم بحقوقهم بصفة ضعيفة و لعل من
مظاهر ذلك ما يلي :
* رداءة الإعلام المدرسي ( الحق في الإعلام )
حيث نعتمد في ذلك على :
- اجتماعات تحسيسية بالتلاميذ الجدد تنجز في
وقت مبكر من السنة الدراسية في زمن غير ملائم لتلميذ مازال يعاني لحظة الدهشة
الأولى و قد يكون من المناسب دعمها بزيارات يقوم بها تلاميذ السادسة ابتدائي إلى المدارس
الإعدادية يسبقه اجتماع تحسيسي بهم .
- إذاعات مدرسية تقتصر في أحسن الأحوال على
الموسيقى عبر أجهزة صوتية مزعجة
- إعلانات تغلب عليها أخبار الرفت و أسلوب
الأمر و الزجر و النهي .
- توزيع النظام الداخلي للمؤسسة في بداية
السنة الدراسية و عند الترسيم و الإصرار على ذلك التقليد في ذلك الوقت رغم تيقن
الجميع بأنه لا قارئ له بل يرميه الأغلبية عند أولى الخطوات خارج المؤسسة .
و رغم ذلك نتعامل مع التلميذ من السابعة
أساسي إلى الرابعة ثانوي و كأنه ملم بكل التراتيب و الإجراءات الإدارية و
البيداغوجية في المؤسسة التربوية .
- العنف اللفظي و البدني ( حق الحرمة البدنية
و النفسية ) :
لعل أخبار العنف اللفظي و البدني التي يتعرض
له التلميذ غير خافية على أحد و قد ولد بذلك عنفا مضادا في بعض الأحيان و انقطاعا
عن الدراسة في أحايين أخرى و في أحسن الأحوال تراجعا في الرغبة في الدراسة .
- اعتبار الدفاع عن النفس تطاولا ( حق الدفاع
عن النفس أمام مجلس التربية ): إن المربي دائما على حق و التلميذ دائما غير محق
مصادرة على المطلوب ننطلق منها لتطبيق النظام التأديبي. فمعظم الأحيان يعتبر التلميذ مدانا حتى تتم معاقبته و ليس مجرد
متهم حتى تثبت إدانته أو براءته و دعك من دفاع التلميذ عن نفسه أمام مجلس التربية
فذلك تطاول على أعضائه و جرأته في الحجاج
وقاحة مما قد يشدد العقوبة أكثر .
د – من عنصر محوري إلى عنصر هامشي :
رغم مكانة التلميذ المحورية في العملية
التربوية المحددة بنص قانوني قاطع و رغم بداهة حقيقة أن المدرسة مفتوحة لتربية
الناشئة و تعليمهم و تأهيلهم و أن كل الإمكانيات البشرية و المادية و التنظيمية
مسخرة لخدمة التلميذ فإنك تجد من في
المؤسسة التربوية جميعا يسعون أولا و بكل إلحاح بل و حدة أحيانا إلى التمتع
بحقوقهم كل حقوقهم و أكثر و
يتذمرون كل التذمر من كل ملاحظة أو تنبيه أو أي إجراء بخصوص عدم القيام بالواجب و
من الجلي أن كل تقصير أو إخلال بالواجب يؤدي حتما إلى الاستنقاص من حقوق الآخرين (
و هم هنا التلاميذ ) و من النادر أن تجد من يهتم لشؤون التلاميذ و يثير مشاغلهم اللهم
من يتذمر منهم و يلقي بكل المسؤولية عليهم و حدهم حتى أنك تشعر أحيانا كأننا في
المؤسسة التربوية نقوم بالتصرف في شؤون الأعوان على حساب مصلحة التلاميذ لا التصرف
في الأعوان لخدمة مصلحة التلاميذ.
و لعل إرهاصات الممارسة اليومية في مؤسساتنا
التربوية تكشف باستمرار و بأشكال متنوعة مظاهر عديدة لتصرفات و سلوكات أدت إلى
تدحرج مكانة التلميذ في المؤسسة التربوية إلى مرتبة هامشية و مما يبرز ذلك ما يلي
:
1- انحسر اهتمام مدير المؤسسة التربوية
بالجانب البيداغوجي ذي الصلة المباشرة
و القوية بالتلميذ إلى حد كبير لصالح الروتين
الإداري الشكلي و في الرد على المراسلات و القيام بالإحصائيات و في التصرف في
الأعوان و أعمال الصيانة و التزود و غيرها من الأعمال التي لا حد لها .
2 – تملأ جداول أوقات التلاميذ الساعات
الجوفاء و يقضونها في الشارع أو في الخلاء أو في المقاهي و ذلك تحت لفح الشمس أو
في البرد أو في الريح أو المطر . أما وجودها فنادر جدا بجداول أوقات الأساتذة
الذين يقضونها بقاعة الأساتذة و إن كانت هناك ضرورة لإدخال تحسينات على جدول أستاذ
ما فلا بأس أن تكون على حساب مصلحة
التلميذ بأن تحدث ساعة جوفاء أو تتغير دراسة مادة إلى آخر حصة من يوم دراسي و تبدأ
نظيرتها في أول حصة من اليوم الموالي .
فعند
إنجاز جدول الأوقات لمؤسسة ما يكون الضغط الأول الانتهاء من انجاز الجدول مهما
كانت التكاليف أما الضغط الثاني فهو التوقي من تذمرات الأساتذة و إن كانت هناك
مراعاة للضوابط البيداغوجية التي تراعي ضرورة مصلحة التلميذ فمأتاها خشية رفض
المتفقد البيداغوجي لجدول ما . و من المثير أن نتيجة الاستبيان في الإجابة عن
السؤال الثامن "إذ اقتضت الضرورة القيام بأمر ما مثل تغيير جدول أوقات ,هل
تقبل أن يكون ذلك على حساب المربي أو التلميذ أو لصاحب الضرورة الأكثر كشف أن أقل من ثلث المربين و أقل من ثلث
التلاميذ فقط يقبلون أن تكون لصالح التلميذ و على حساب المربي.
3– الوسائل البيداغوجية التي تقرب ما هو نظري
للتلميذ و تجعل منه يلاحظ التجارب
و الظواهر و يستنتج و يطبق - رغم النقص
الواضح منها في أغلب المؤسسات - فإن
الموجود لا يستعمل الكثير منه و بعضه محفوظ لمدة سنوات في العلب الـكـرتـونـية (
سوء توزيع مصلحة التجهيز على المؤسسات ) و كثيرا ما يواجهك المحضر في مخبره عندما
تدعوه إلى تنظيف المعدات و نقلها إلى القاعات بأن هذا الأمر ليس من مهامه بل يجب
في الأصل تكليف عون مخبر للقيام بمثل هذه المهام جريا على ما هو معهود عندنا من أن
كل واحد يجب أن يكون معه مساعد له يقوم
بأعماله و كل واحد فينا يريد أن يكون رئيسا في العمل آمرا ناهيا لا أكثر .
4– التعيينات المتأخرة للأساتذة و المعلمين و
التي تتجاوز مدة الشهر أحيانا و النقل التي تتقرر بصورة فجئية بعد انطلاق الدروس
لمدة طويلة تتسبب في اضطراب كبير على تكوين التلميذ المعرفي ( حصص غير منجزة ،
تداول أكثر من مدرس على القسم الواحد ... ) و لئن كانت مراعاة الحالات الإنسانية
ضرورية فالأنسب أن تتم في توقيت ملائم .
هذا و تساهم الظروف الموضوعية و الذاتية التي
يعيشها التلميذ في عرقلة محوريته في العملية التربوية و بالتالي يتأثر مردوده
الدراسي بشكل كبير من ذلك أن :
-
أعدادا هامة من التلاميذ لا يتناولون فطور الصباح معظم الأحيان حيث يخرجون
باكرا من ديارهم ( قبل السابعة صباحا ) و لا يعودون إلا في وقت متأخر من المساء (
بعد السابعة مساء ) و يقضون معظم أوقاتهم خارج المؤسسة و يتناولون غداء غير
صحي ( هؤلاء يستعملون عادة النقل المدرسي
أو يقصدون مؤسساتهم عبر الأقدام ) .
-
رغم أن التجهيزات التي يتعامل معها التلميذ يوميا من مقاعد و سبورات لها
دور أساسي في مردود التلميذ الدراسي حيث أنها تمكن من الشعور بالراحة و الأريحية أثناء متابعة الدرس
فإن العديد من المؤسسات تعاني صعوبات في هذا الشأن حيث مازلنا نشاهد تلاميذ
يجلسون على مقاعد غير مريحة و يتابعون كتابات غير مفهومة على سبورات مليئة بالخدوش
علما وأن التلاميذ يتحملون المسؤولية الأكبر في هذه الحالة
-
يدرس التلاميذ ببعض المؤسسات بأقسام مكتظة أو
أقسام فرق ( بالمرحلة الأولى من التعليم الأساسي ) مما يعيق مراعاة الفروق الفردية
بينهم و نجد كذلك مؤسسات مكتظة يفوق عدد
التلاميذ بها إلى 800 تلميذا و لا يتوفر لها الإطار التربوي
و الإطار الفني الكافي
للعناية بهم على أحسن وجه .
III / إحـــــــاطـــــة أفـــضـــل بـالــتــلــمــيــــــذ : دعـــــم
أكــبــــر لـمــــردود الـمــؤســســـــــــــــة .
أ – أعرف تلميذك / أعرف نفسك :
إن تلاميذ
التعليم الأساسي بمرحلتيه الأولى و الثانية ( الابتدائي و الإعدادي ) هم أطفال يميلون إلى اللعب و الصراخ و
الجري أكثر بحكم عامل فيزيولوجي في الطفل يدفعه إلى الحركة و النشاط و الانشغال
بما هو حسي حركي أكثر مما هو تجريدي ذهني .
و إن
تلاميذ الثانوي و بعض تلاميذ الإعدادي إما يعيشون فترة انتقالية من الطفولة إلى
المراهقة أو يعيشون المراهقة و لا شك أن من يمر بهذه المرحلة العمرية التي ميزتها
التحول في كل شيء فيزيولوجيا و نفسيا و ذهنيا و سلوكيا يفترض تعاملا مخصوصا و
حرفيا أساسه الصبر و سعة الصدر و هذا ليس عندنا منه ما يكفي لأسباب عديدة
ثم إن التلميذ هو نتاج أسرة فيها و لها شبكة
علاقات معقدة و لا شك أنه ينقل إلى المدرسة عندما ينتقل إليها يوميا ما في تلك
الأسرة من مشاغل و صعوبات و احباطات
ب – دور محوري للمربي :
* ينتظر من
المربين على مختلف أصنافهم و اختصاصاتهم و مهامهم أن يأخذوا بيد التلميذ بكل حرفية
و مهارة و يساعدوه على تجاوز صعوباته المختلفة لا أن يتولوا معاقبته و التذمر منه
و الرغبة في التخلص منه . ذلك أن التحدي الأكبر في دور المربي هو القدرة على الإحاطة
بمن له صعوبات ( بالمشاغب و غير المواظب و ذي النتائج الضعيفة ) أما التلميذ
المواظب المؤدب المجتهد في دراسته فلا تحديات أمامنا إزاءه إذ هو يأتينا معظم الأحيان هكذا من الأسرة و بما فطر عليه من
مواهب .
و لهذا فإن
الإحاطة النفسية و الصحية و الاجتماعية بالتلميذ لها دور محوري في تحسين نتائجه و
هذا ما عبر عنه كل الذين شملهم الاستبيان
وإن دور المربي
في الفعل التربوي هو الأكثر تأثيرا مهما اختلفت
التراتيب
و البرامج و التوجهات لقربه من التلميذ و إشرافه المباشر على العملية التربوية
بصفة يومية
ج – تحسين النتائج المدرسية : الهاجس الأكبر / الأمل
الأكبر:
إذا كانت
الغاية من كل المجهود التربوي هي تنشئة تلميذ ناجح متعلم ذي مهارات و كفايات محددة تمكنه من الانخراط في الحياة
العامة أو الالتحاق بالجامعة أو التكوين المهني فإن النتائج المدرسية هي أكبر محك
كمي نقيس به مدى نجاح العملية التربوية و بذلك فهي الهاجس الأكبر لدى معظم
التلاميذ و كل الأسر و كل المؤسسات التربوية و كل الهياكل المشرفة على التربية
عموما و في الحقيقة لا يمكن تحقيق هدف الرفع من مؤشرات النتائج المدرسية إذا كنا
نرفعه مجرد شعار و نسعى وراءه كل ثلاثية أو كل سنة بصفة مباشرة من خلال ملامسة
سطحية أو تدخل جزئي هنا و هناك كتنظيم دروس تدارك موسمية أو تكثيف الاهتمام
بالسنوات النهائية بل إن المقاربة الشاملة متوسطة وطويلة المدى التي تمس جوهر
الأشياء و تعالج النواة الصلبة في العملية التربوية كلها هي الأقدر على تحقيق
الغايات المنشودة و هذه بعض المفاتيح :
-
الاهتمام الشامل و الجوهري بوضع التعليم الأساسي في مرحلته الأولى من حيث
توفير الإطار البشري و المادي للمدارس الابتدائية و تمكينها من رصيد مالي كاف
لمواجهة المصاريف اليومية المختلفة دون التعويل على مداخيل جمعيات العمل التنموي و
من ثمّ التأكيد على ضرورة تحديد الملامح الأساسية التي لا غنى عنها في التلميذ
المتخرج من المدرسة الابتدائية و هي أن يحسن القراءة و الكتابة و العمليات
الحسابية ذلك أننا لاحظنا و نلاحظ وجود تلاميذ بالإعدادي و حتى الثانوي لا يحسنون
لا القراءة و لا الكتابة و لا أبسط عمليات الضرب و القسمة في الحساب
-
تحديد آلية للحد من غيابات التلاميذ و المربين و الإطار الإداري و العملة و
الفنيين و إطار الإشراف ذلك أن أيام العمل أو الدراسة المهدورة ذات أرقام مفزعة و
لعل دراسة أسباب هذه الغيابات أولى مفاتيح هذه الآلية .
-
إعادة النظر في كيفية إسناد الأعداد في الامتحانات إذ أن المعدلات التي
تلامس المطلق ( 20 /20) تعطي مؤشرات خاطئة
للتلاميذ و الأولياء و غيرهم و توهم بالرضى عن النفس في غير محله . و إذا نظرنا في
المعدلات السنوية للمترشحين لشهادة ختم التعليم الأساسي و المعدلات المتحصل عليها
في ذلك الامتحان و كذلك في المعدلات السنوية للمترشحين للباكالوريا و المعدلات
المتحصل عليها في الامتحان للاحظنا فروقا محيّرة و خلال السنة الدراسية 06/07 حصل
من أجرى مسابقة الإملاء في اللغة الفرنسية من جهة سيدي بوزيد من تلامذتنا بالتاسعة
أساسي على عدد 04/20 على المستوى الوطني و هو الحاصل على معدل ثلاثي 18/20 في
الفرنسية و في المعدل العام و الأمر ذاته في الابتدائي و ليس الأمر حقيقة بيد المدرس
وحده إذ أن للجميع دورا في هذا الجانب و منهم المتفقد البيداغوجي و مدير المؤسسة
التربوية و كل من يرتب الجهات و المؤسسات و يحاسب المؤسسة ولا دخل لسلطة الإشراف
حقيقة في هذا .
-
تضاءلت إلى حد مفزع هيبة المؤسسة التربوية و هيبة المربي و هيبة المدير و لئن
كان العصر غير العصر و التطور بلغ مدى
بعيدا فلا بأس أن نفكر في طرق مستحدثة لرد
الاعتبار لهيبة كل من ذكرناهم إذ لم يعد للتسلط و الزجر و اعتماد التخويف مكان بل
نعتمد الحوار و الحيوية و الدقة و النظام و الحرفية و الشفافية وسائط لتكوين ملامح
"المهاب" العصرية
-
الاقتناع أولا بضرورة حسن التصرف في ما يتاح لنا
من موارد و أحكام استغلالها فيما جعلت له بكل حكمة و حنكة فما أكثر الإمكانيات
الكامنة مهدورة عندنا ثم الاقتناع ثانيا بقدرتنا على توظيف ما نطالب به .
أما التغني
بطلب المزيد كلما أتيح لنا المزيد فإنه« لن يشبع من روحه الجوع .» كما ورد في حدث أبو هريرة قال للمسعدي .
و إننا
على يقين في نهاية المطاف بأننا قادرون
على بلوغ أهدافنا إذا آمنا بأننا مسؤولون على مستقبل جهتنا و أجيالنا و وطننا .
و الله ولي
التوفيق المزونة في :
14/01/2009
لست ربوت