التحذير من
اللَّعن والسّب
إن الحمد لله نحمده
ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده
الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
أيها المسلمون : اتقوا
الله تعالى وراقبوه في السر والعلانية مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه
عباد الله : إن دين الإسلام دين الرحمة في
أهدافه وغاياته وفي أعماله ومعاملاته ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة
قال الله تعالى: ﴿وما أرسلناك
إلاَّ رحمةً للعالمين﴾ الأنبياء: ١٠٧ وأمة الإسلام
أمة متراحمة ﴿وتواصوا بالصبر
وتواصوا بالمرحمة﴾ البلد: ١٧ ورحمة الإسلام علامة مُشرقة
لأهله وسمة بارزة فمن خرج عن دائرتها إنما يمثل نفسه ولا يمثل الإسلام فنبي الإسلام
عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة يقول عن نفسه صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثتُ
رحمة ولم أبعث لعّانا" واللعان هو
المشتغل باللعنة والتي تجري على لسانه هذه
الكلمة في كل وقت وفي كل مناسبة وليس هذا من شأن أهل الإسلام ولا مما تدعو إليه
رحمة الإسلام يقول صلى الله عليه وسلم عن الصّديقين وهم أعلى أمته رتبة: "لا
ينبغي للصّديق أن يكون لعانا" ويقول عليه الصلاة والسلام عن عموم أهل الإيمان
أهل الفضيلة والكمال: "ليس المؤمن بالطّعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء"
وعندما يكون الإنسان بهذه الصفة طعانا لعانا لا يكون أهلا لأن يكون يوم القيامة
شهيدا لأهل الإيمان ولا شفيعا لهم عند الله جل وعلا يقول عليه الصلاة والسلام : "لا
يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة".لأن الشهادة والشفاعة إنما تكون
لمن يدعوا للمؤمنين ويذكرهم بكل خير, لا أن يدعوا عليهم ويلعنهم والعياذ بالله
عباد الله : اللعن دعاء
بالطرد والإبعاد من رحمة الله , والإسلامُ دعا إلى التراحُم والتواصُل والدعاء
بالسلامة والرّحمة والبركة .
ومن الناس والعياذ بالله
من يجري على لسانه اللعنُ والسبُّ والشتم أكثر مما يجري على لسانه السلام والرحمة والدعاء
بالخير والبركة.
واللعنُ يا عبادَ الله شأنُه
خطير وأضرارُه جسيمة وعواقبه على صاحبه وخيمة في الدنيا والآخرة وأشدُ اللعن وأَسوَؤُه
وأقبحه وأشنعه وأفضعه وأنكاه وأشده جرما لعن ربّ العالمين والعياذ بالله أو لعن
دين الإسلام أو لعن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ومثل هذا اللعن إذا صدر من
مسلم كان بذلك مرتدًا عن الإسلام خارجا من دائرته ليس من أهل الإسلام بل هو كافر
مرتدٌ ملحدٌ زنديق لا يقبل الله تبارك وتعالى منه صرفا ولا عدلا لا يقبل تبارك
وتعالى منه فريضة ولا نفلا إذا أصرّ على ذلك ولم يتب إلى الله توبة نصوحاً , وأيٌّ
جرمٍ أفضع وأشنع من هذا نسأل الله السلامة والعافية .
ثم يأتي بعد ذلك لعنُ المؤمنين ولا سيما خيارَهم
ويأتي في مقدمة أهل الإيمان صحابة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وقد خصّهم
عليه الصلاة والسلام بالذكر في هذه المسألة فقال في الحديث الصّحيح: "لا
تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدُكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم
ولا نصيفه" ويشتد الأمر فضاعة والجرم كِبرا عندما يكون اللعن متجها لسادات
الصّحابة وخيارهم كصدّيق الأمة أبي بكر وخليفته عمر بن الخطاب وبقية الخلفاء
الأربعة وبقية العشرة المشهود لهم بالجنة وأزواج النّبي الكريم عليه الصلاة والسلام , فكيف بمن جعل من أصول دينه وعقيدته والعياذ
بالله سبٌّ الصحابة ولعنهم .
ثم يأتي بعد ذلك لعنُ
المسلم لأخيه المسلم , فهو أمرٌ في غاية الخطورة وفي أشد ما يكون من الضرر والعياذ
بالله بل صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحديث الصحيح: "لعنُ
المسلم كقتله" رواه البخاري ومسلم وجاء في الحديث الآخر عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".
وعندما تصدر اللَّعنة من
الإنسان على غير مستحِقّ لها من الجماد أو الحيوان أو الإنسان فإنها ترجع إلى
صاحبها روى أبو داود في سننه بسند ثابت عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: "إذا قال العبد لشيء لعنه الله صعدت اللعنةُ إلى السماء
فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبواب الأرض دونها، , ثم تذهب يمينا
وشمالا فإن لم تجدْ لها مساغا رجعت إلى الذي لُعِنَ إن كان أهلا لذلك وإلا رجعت
على قائلها" تصوروا عباد الله كم من اللعنات تحل على الإنسان عندما يكون
لسانه مكثرا من اللعن مستديما له فلا تزال اللعنات تتوالى عليه وتحل عليه ويكون هو
المتسبب لنفسه بحلولها.
وإنِّي أيها الأخوة أوجه
نصيحة إلى ألئك الذين لا يملكون أنفسهم ويفقدون أعصابهم عند مشاهدة المباريات
فيكثرون اللعن والسب والشتم على من لا يستحقوا ذلك , أن يتقوا الله 2 وان لا
يكونوا سبباً في نزول اللعنة عليهم فيطردوا ويبعدوا عن رحمة الله , نسأل الله لنا
ولهم الهداية والسداد .
حتى الدواب والبهائم
والجمادات لا يجوز لعنها، فقد أخرج مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال:
(بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فضجرت امرأة من الناقة،
فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: خذوا ما عليها من المتاع،
ودعوها، فإنها ملعونة) لا يمكن أن يصحبنا ملعون في السفر، قال عمران : فإني أراها
الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد، فالدابة مهملة ولا أحد يقترب منها، وقد ضرب الصحابة
المثل الرائع في هذا، فعن جابر بن سليم قال: (قلت: اعهد إليّ يا رسول الله- أوصني-
قال: لا تسبنّ أحداً، قال: فما سببت بعده حراً ولا عبداً، ولا بعيراً ولا شاة)
أخرجه أبو داود بإسناد حسن .
عباد الله وأشد ما يكون من اللعن فيما يتعلق بالناس لعن
الإنسان لوالديه والعياذ بالله فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن
الله من لعن والديه"2 قيل يارسول
الله كيف يلعن الرجل والديه؟! قال:"يسب أبا
الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه".وكما جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ
ابْنِ
عَمْرٍو
رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :)
مِنَ
الْكَبَائِرِ أَنْ يَشْتُمَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ :
وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ
فَيَشْتُمُ أَبَاهُ ، وَيَشْتُمُ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ " متفق عليه .
وإن كان لعن
الوالدين لا يجوز وهو جرم عظيم , فكذلك لعن الأبناء والبنات وسبهم والدعاء عليهم
لا يجوز ولا ينبغي أن يصدر من الوالدين لأن دعاء الوالدين لأبنائهم وعلى
أبنائهم مستجاب , ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام : (لا تدعوا على أنفسكم، ولا
تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من
الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم". ) وقال -صلى الله عليه وسلم :( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده) . { وذكر أحد العلماء هذه القصة }
الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم". ) وقال -صلى الله عليه وسلم :( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده) . { وذكر أحد العلماء هذه القصة }
فيا أيها الأباء ويا أيتها الأمهات اتقوا الله ولا تدعوا
على أولادكم ولا تسبوهم ولا تشتموهم , واستبدلوا ذلك بالدعاء لهم بالصلاح والهداية
والتوفيق والسداد في الدنيا والآخرة ,لعله يوافق ساعة استجابة فيستجيب الله دعاؤكم
.
ألا فلنتق الله عبادَ الله ولنحذر من سخط الله وموجبات
عقابه اللهم اهدنا إليك صراطا مستقيما واجعلنا متراحمين برحمة الإسلام مقتدين بهدي
النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وأَعِذْنا اللهم من الشيطان الرجيم ومن شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا أقول هذا القول وأستغفر اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين من
كل ذنب فاستغفروه يغفرْ لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله عظيمِ الإحسان
واسع الفضل والجود والامتنان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمداً عبدُه ورسوله صلى الله وسلم عليه آله وصحبه أجمعين أما بعد
عبادَ الله إن
أمةَ الإسلام أهلَ هذا الدين الحنيف المبارك ليسَ شأنُهم كالكفار أهل النار الذين
شأنهم كما وصف الله: ﴿كلما دَخَلتْ
أمَّةٌ لَعَنَتْ أُختَها﴾ الأعراف: ٣٨ فليس هذا شأن أهل
الإيمان بل شأنهم التراحُم والتواصُل والتّعاون على البر والتقوى كما قال الله جلا
وعلا: ﴿وتَواصَوْا بالصبر وتواصوا بالمرحمة﴾ البلد: ١٧ يقول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين
في توادَّهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"
إن شأن المسلم عباد الله تجاه إخوانه رحمتُهم والإحسان إليهم والدعاء لهم بالخير والاستغفار
لهم لا لعنهم والطّعن فيهم والوقوع فيهم بالمسبة يقول الله تعالى لنبيه عليه
الصلاة والسلام: ﴿واستغفر لذنبك
وللمؤمنين والمؤمنات﴾ محمد: ١٩ ويقول الله
تعالى في شأن أهل الإيمان قال: ﴿والذين جاءوا من
بعدهم يقولون ربَّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا
غِلاًّ للذين آمنوا ربَّنا إنك رؤوف رحيم﴾ الحشر: ١٠ وقد رتب الله جلَّ
وعلا أجورا عظيمة وأفضالا عميمة وخيراتٍ كبيرةً لمن يبذل لإخوانه المؤمنين الدعاء
والاستغفار وتأملوا رعاكم الله في هذا حديثا واحدا عن نبيكم الكريم عليه الصلاة
والسلام رواه الطبراني في معجمه بإسناد حسن من حديث عبادة بن الصامت أنّ النبيَّ
عليه الصلاة والسلام قال: "من استغفر للمسلمين والمسلمات كان له بكل واحد منهم
حسنة" كم هي الأجور هنا رعاكم الله, من استغفر للمسلمين والمسلمات كان له بكل
واحد منهم حسنة إذا قلت في دعائك اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات الأحياء منهم والأموات كان لك من الحسنات بهذه الكلمة بعدد المؤمنين
والمسلمين من زمن آدم إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومن عليها فليست هي بالآلاف ولا
بالعشرات بل هي بالملايين ألا فلنتقِ الله
يا عباد الله ولننصح لأنفسنا ولإخواننا المسلمين ولنُبعِد من قلوبنا الغِلَّ والضّغينة
ولنَشغَل ألسنتَنا بالكلمات الحسنة والدّعوات الجميلة اللهم وفقنا لما تحب وترضى
وأعنّا على البر والتقوى يا ذا الجلال والإكرام هذا وصلوا رعاكم الله وسلِّموا على
محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿إنَّ الله وملائكته يصلُّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليما﴾ الأحزاب: ٥٦ وقال صلى الله
عليه وسلم: "من صلَّى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا" اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل
إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل
إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وارض اللهم عن الصّحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز
الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمِّر أعداء الدين واحم حوزة الدين يا رب
العالمين اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك اللهم آت نفوسنا تقواها
زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين
والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا آتنا في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه
يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
لست ربوت