من ذاكرة "الجلدة" اللعينة المنسية المهملة: (حتى لا ننسى). بقلم عبد الكريم التابي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة "الجلدة" اللعينة المنسية المهملة: (حتى لا ننسى). بقلم عبد الكريم التابي

من ذاكرة "الجلدة" اللعينة المنسية المهملة: (حتى لا ننسى). بقلم عبد الكريم التابي

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏‏قبعة‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏
في مشهدنا العام الجاحد العاق، قد نجد كثيرا من الوجوه التي جار عليها الزمن وعقوق ذوي القربى، فنانين قدامى، مثقفين قدامى، مناضلين قدامى، رياضيين قدامى وغيرهم ممن لم يعودوا في اعتبار الآخرين سوى أجساد متهالكة مرمية على قارعة الرصيف وقارعة الأحداث، بعد أن كانوا في زمنهم يملؤون الأرض إبداعا وعطاء ومتعة لمن عايشهم وجايلهم وتعرف إلى قدراتهم وإمكانياتهم.
من يرى من جيل اليوم ذلك الرجل الأسمراني القصير القامة، المنزوع الأسنان، الذي لا تفارقه تلك الدراجة العزلاء من كل ما يلجم تنطعها وهو يضغط على دواستيها متنقلا من هنا إلى هناك مقدما بعض الخدمات لهذا الشخص أو ذاك، لا يعلم أنه كان ذات يوم لاعب كرة مبدعا بما تعنيه كلمة المبدع الفنان "الرقايقي" الأنيق من معنى مستقيم لا عوج فيه، حاضر البديهة والتفاعل مع زملائه داخل رقعة ملاعب القرب القديمة الفسيحة بأحياء الدوار الجديد ولفريقية والزاوية والقشلة، أو داخل الرقعة الصلبة للملعب البلدي في زمنه المتحجر.
وأكاد أجزم أن جمال القدميري الذي يلقبه مجايلوه ب" عنيزة" في إشارة لا تخلو من عنصرية بريئة، يعتبر واحدا من لاعبي الكرة القلائل الذين لم يسعفهم الحظ ليظفروا بفرصة شغل على غرار كثير ممن ولجوا باب العمل في مصالح بلدية ابن جرير، والذين من خلالها حسنوا أوضاعهم الاجتماعية بشكل واضح.
لعب جمال القدميري الكرة منذ طفولته في كل الساحات التي توفر تدحرج الكرة البلاستيكية وإصابتها الهدف من خلال الحَجَرات المسننة التي كانت تقوم مقام المرميين. كانت مواهب جمال تظهر في الساحة المجاورة لمنزلهم قرب دار الرميتة ودار "كوفال"، وكثيرا ما قابلنا ـ نحن أبناء لفريقية ـ الفريق الذي كان ينتسب إليه من أبناء الدوار الجديد الذي لا يفصله عن لفريقية إلا الواد. كان جمال يشكل إلى جانب "حميدة" ثنائيا يفهم أحدهما الآخر بمجرد لمحة خاطفة.
في دوري الصداقة الشهير الذي أقيم سنة 1981، والذي نظم تحت إشراف بعض فعاليات البلدة نذكر منهم (عبد الخليل البصري ـ عبد الكريم التابي ـ عمر الإيبوركي ـ مصطفى الناصري ـ حسن القاسيمي ـ عبد الوهاب الكوشي وآخرون أعتذر عن نسيانهم )، لعب جمال "عنيزة" في صفوف فريق الحي المتواجد في المجموعة السكنية المسماة (DJA) التي تعني (الدوار الجديد A)، فيه تفجرت مواهبه صحبة لاعبين شباب مهرة، لعبوا الكرة وأتقنوها، وأمتعوا وجعلوا الجمهور ينتظر ظهورهم بشغف كبير.
من دوري الأحياء ذلك الذي توج بتكوين منتخب محلي كان النواة الصلبة التي خرج منها فريق البلدة لما بعد 1981، والتي كان عدد من لاعبيه يتكون من لاعبين من النهضة والزاوية والأشبال والبشريين والمشعل والحمرا وغيرها من الفرق التي شاركت في الدوري سالف الذكر. كان لابد أن يكون جمال القدميري واحدا ممن استحقوا عن جدارة حمل قميص فريق الشباب، وكان أهلا لذلك القميص بما قدم من خدمات كغيره ممن لعبوا في تلك الظروف الصعبة ماديا، حيث كان اللعب للفريق في ظل الهواية، لا يختلف عن واجب الدفاع عن البلدة وألوانها بلا مقابل سوى ما يبقى من حب موزع بين الناس، قد يتذكره البعض وقد ينساه البعض الآخر.
جمال القدميري يداري الزمن والإحجاف بتلك البسمة التي لا تفارقه، وتلك الطيبة التي لا تفارقه، وتلك الدعابة التي لا تفارقه، رغم المعاناة والعقوق.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button